المقالة

ما بعد المكرونة

أعتذر إليك ومنك يا سيد الخلق والكائنات عما جره عليك حبنا لضروع النرويج والدانمارك، وعما فعله الدلال الزائد لأبقارهما التي تنتج لنا الحليب والزبد والجبن، وكأن أوطاننا كلها ماء!

فالحب على الطريقة النروجماركية فاشل بالتجربة، وكذلك الدعاية التي روجت له فضائياتنا ناصحة مشاهديها بتدليل الأبقار[1].

وفي النهاية إليكم ما يفعله الدلال، تواقحت الجرائد الدنماركية والنرويجية وتطاولت على شخص خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ونحن مشغولون بتدليل أبقارلورباك، وبالتناحر على عدسات هيفاء وهبي مالونها، وعمليات تجميل نانسي عجرم ماعددها، والانتخابات النزيهة من سيفوز بها، أنصار دينا أم أنصار فيفي عبده؟

رغماً عنهم  وعنهم يا سيد الكائنات، يحبك الله الذي خلق الحياة لأجلك، ورغماً عن فشل كرامتنا في الثأر لك نحبك ونؤمن بك وبوعد شفاعتك مهما أكلنا من زبدهم وأجبانهم وحليبهم وعصائرهم… ومهما كانت طريقتنا في الحب خاطئة وغير معبرة، ومستشيطة، ومكترثة بشؤون البقر، ومؤمنة بأساليب الاحتجاج والاستنكار، ومتشبعة بدهن المقاطعات وسحب السفراء وهم رقود!!

طريقتنا في حبك قاصرة مقصرة، واقفة منذ عصور عند منعطف انتظار قطار المعجزات مستعينة بالدعوات، عله يأتيها بإرادة الفعل المماثل للقول، تلك التي هجرتها منذ اكتشفت أنها طريقتنا الفاقدة للعقل والمصابة بالعنترية اللعابية!

فاقبل صلى الله عليك وسلم، حبنا كما نحن لا نزيد وننقص ولا نقدم ولا نؤخر ولا نحرك ولا نتحرك…. ماذا نفعل لم يدللنا أحد؟!

كل أسواقنا ومحالنا وبقالاتنا احتجت لأجلك، وتوقفت عن بيع المنتجات الدنماركية والنرويجية، وأنا واحدة ممن توقفوا منذ زمن عن أكل لحوم الأبقار خوفاً من جنون البقر، ثم أضفت لعربة توقفي ممنوع آخر وهو السمك الذي أكل جميع ضحايا تسو نامي في البحر، ثم البيض والطيور خوفاً من أنفلونزا الطيور، ثم الألبان ومشتقاتها بسبب الاعتداء على نبيي و ديني، والآن أنا انسانة تغادر ني الحياة، شاخت قامتي وهامتي وتلينت عظامي وأصبحت عجوزاً واهنة وما أنا بعجوز، ولم يتغير لأمتي حال سوى في الطعام ، والآن أيضاً  تخشى المكرونة – وهي آخر ما تبقى لي- من جاسرٍ يشتم عروبتي بأنها خاوية من الكرامة لكي أضعها في عربة ممنوعاتي !

أنا في انتظار من يشتم فقط، وسترون ما افعله بالمكرونة.

***

عندما نذهب للمدرسة تكون منتجات الدنمارك والنرويج  في حقائبنا، ونحن نذهب للمدرسة لكي نتعلم كما تعرفون وليس لنلعب ونغش ونرسب ونرسم الأستاذ في وضع مخجل ولا لنحفظ مقررات أنتجت آباءنا وأمهاتنا الذين انتجونا، ونمتليء منتجات.

نحن السابق ذكرنا، سنكون الجيل الذي سيخرج بعون الله الدنمارك والنرويج من حياتنا التعليمية، ونستبعدها من تضاريس شطائرنا، مسجلين أكبر مساحة احتجاج على الكرة الأرضية، وعندما نعود للبيوت ستنتظرنا المكرونة ملوحةً لنا بطولها من مقدمة الشارع، ومن يدري قد نضيف لفقر الدم الذي أصابنا منذ احتجاجات عديدة سابقة أنواع مستجدة من الفقر؟

فيا سيدي يا رسولي يا شفيعي، هذه هي ظروفنا علها تشفع لنا عندك فتشفع، فنتأهل للفخر بنا يومئذ بين الأمم، رغم إننا…… وإننا …. وإننا…..!!!!!

وإننا أيضاً، بلا عظام وبلا أسنان نلتهم ما بعد المكرونة، معادين من يعادينا مصادقين من يصادقنا كما هو ديدننا على المنابر!

بنغازي2/2/2006

[1] تذاع دعاية دلل أبقارك لترويج زبدة لورباك.

مقالات ذات علاقة

الصحف ودورها الريادي

سعاد الورفلي

دفقة حبر

محمد الزوي

حول الشعر والكلام والمكان. من الصمت إلى الإيقاع المتناغم.

نورالدين سعيد

اترك تعليق