المقالة

ماهو رفيقاً زين..!!

>

لا اعتقد أن أحداً من أبناء هذا الوطن يختلف معي بأن مستوى المطرب محمد حسن قد هبط إلى درجات دنيا منذ رحيل الشاعرين سليمان الترهوني و فضل المبروك .. وأصبحت الرسالة الفنية التي يؤديها ليست إلا إعلان عن وجود لا تبتعد عن التهريج والتطبيل لرأس الدولة ليس إلا..

الفنان يا سادة له رسالة إنسانية أسمى من احتضان العود أمام ناقل الصوت ليغني لهم ما طاب من الغناء .. رسالة الفنان التواصل مع الجمهور بالتواضع والانحناء لتصفيقهم وتسجيل مواقف الانحياز الحقيقي لقضاياهم من أجل نيل الحرية وتحقيق العدالة .. والوفاء لرفاق الرحلة الطويلة حيث كان المهرج محمد حسن مطرباً من الطبقة الثالثة وعلى باب الله في مدينة بنغازي ، بدرجة ممرض رغم احترامنا لهذه المهنة الإنسانية .. وبقدرة قادر أصبح مطرب الدولة الأول ، ولا ننكر أننا صفقنا له كثيراً ، وأننا حفظنا أهازيجه وأغانيه عن ظهر قلب وشدونا بألحانه وطربنا لها ، لكننا لم ندرك أن وراء نجاحاته رجالا منحوا رحيق قلوبهم للوطن وللفن ولعود “محمد حسن” لا غيره حتى أضحى اسماً في عالم الطرب والموسيقا .لا أقول أنه لامع أو مرموق لكن القائمين على قنوات الإعلام جعلوا منه فناناً يجتر كلامهم المسروف من عناء الشعراء المغلوب على أمرهم .. فيما تآمروا على كثير من الفنانين الحقيقيين من امثال عمر المخزومي ومحمد السليني وسلام قدري فمنهم من ترك الفن مفضلاً الحفاظ على ما ء وجهه ومنهم من أبعد قسراً ومنهم من توجه نحو اللهث خلف لقمة العيش بطريقة شريفة بعيداً عن تهريجهم ومرآتهم ونفاقهم ومن من مات في فندق وحيداً لا يعلم عنه أحد ..

اذكر أننا وقبل عامين تقريبا وجهنا دعوة عن طريق منتدى أماسي البيضاء في مهرجان الراحل “فضل المبروك” بذات المدينة ، لثقتنا بأن أغاني فضل سيترجمها عملًا لا غناءً ” خلك رفيقاً زين عز الرفق وعز الصاحب ” فكانت دعوتنا له هي الأولى ، لكن السبب الذي جعله يعتذر عن عدم المجيء والمشاركة الوجدانية واهن جعلنا نضع علامات استفهام معكوسة حول ما يتغنى به المطرب وما ينطبق عليه .. فكانت خيبتنا كبيرة وشعرنا بمرارة كطعم الحنظل ، وقلنا في ذات نفوسنا المتوسمة خيراً فيمن يشنف آذاننا بأجمل الأغاني لابد أننا أخطأنا الطريق ..أو لأن إصرارنا على إقامة هذه الاحتفالية بعيدا عن التسول أمام أبواب مؤسسات الدولة الثقافية والفنية .آنذاك . وقررنا أن نعتمد على أنفسنا وعلى عشاق الشعر الغنائي والفن الليبي ..

وعندما توجهنا إلى الفنان الدفيء” محمد السليني ” شعرنا أن الرجل قد طار فرحاً لهذه الخطوة .. محمد السليني الذي أبعده النظام أو ابتعد رفضاً لشروط الغناء التي وضعها المصفقون للطاغية بأن على المطرب أن يغني ما لا يقل عن أغنيتين لانقلاب سبتمبر قبل أن تجاز له أغنية عاطفية ..

السليني ..عاشق الجبل الأخضر رغم ظروفه الصحية الأقسى من ظروف محمد حسن والمادية الأسوأ من وضع ” محمد حسن بمراحل يصعب تعداد وعد فراسخه.. يتجاوب بحماس منقطع النظير مع الدعوة فكان أول الواصلين بل كانت دموعه تسبقه لتنهمر بتدفق خلال فعاليات المهرجان فجسد أجمل معاني الوفاء أمام الجماهير التي احتضنته بحب غامر وأمام أبناء وبنات وأسرة الراحل فضل المبروك .

ليس ” السليني” هو الوحيد الذي لبى الدعوة وفرح لها بل تقاطر عشاق الفن الليبي من كل حدب وصوب من طبرق ودرنه والمرج وبنغازي واجدابيا وسبها وطرابلس .. وحتى لا أنسى أياً منهم سأكتفي بذكر الشاعر “عياد نجم” والشاعر “جمال المحجوب” والشاعرة” بدرية الأشهب ” وغيرهم من الأوفياء الحقيقيين ناهيك عن فنان الطرب الأصيل ” سيف النصر ” الذي ما أن بدأنا في التخطيط لهذا المهرجان الذي استمر على مدى أربعة أيام متتالية وبجدول مزدحم ومرهق ، لم يترك ساعة إلا واتصل فيها مستفسراً للاطمئنان على خطواتنا الوئيدة عارضاً الدعم المادي ومتطوعاً بإحياء حفل ساهر وفاء وحباً للحبيب فضل المبروك مصراً على أن يغني كلماته التي كتبها له ولغيره .. وكان “سيف النصر ” في الموعد وعلى درجة كبيرة من النجاح فوفقه ووفقنا الله إلى ما كنا نصبو إليه ونأمله .

شكراً لثورة فبراير التي جعلتنا نعرف ” محمد حسن ” ولا نقول له أن شعبيته في ليبيا قد أصابها الفتور والتناقص بسبب هبوط مستواه الفني المريع بعد فقدنا لعملاقين من عمالقة الأغنية الليبية كانا يشكلان له الرافد المهم في مسيرته الفنية ، وبسبب عدم الوفاء لمن كانوا جسر العبور لمجد في زمن مضى أحسب أنه لا ولن يعود . بل بسبب مواقفه المخجلة تجاه أبناء وطنه إبان كفاحهم ضد الطاغية فقد كان أحد الأبواق التي تظن أن بقاء النظام أمر حتمي لاعتلاء ظهورنا مرة أخرى .

مقالات ذات علاقة

أين ليبيا التي عرفت؟ 3

المشرف العام

الكائنات الغبية والمُهيِّج الذكي

سالم العوكلي

كنت هناك، أرثيني!

أم العز الفارسي

اترك تعليق