دراسات

ليبيا الحديثة والوعي بالكيان: (جذور التشكُّل الجغرافي السياسي في العهد العثماني)

مهدى إلى روح الراحل الكريم الدكتور عبد الرحيم الكيب (تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه).

ليبيا الحديثة

انطلاقاً [1] من العنوان الذي آثرتُه لهذه المشاركة، في أمسيةٍ ثقافية تركِّز على (الوحدة الوطنية) فمن الجلي أنَّها لا تناقش هذا الحاضر من التاريخ المعاصر؛ ولكنَّها محاولة موجزة للتذكير بالجذور التأسيسية، والتحوُّلات السياسية العميقة التي ولد خلالها هذا الكيان الجديد لليبيا الحديثة، وتشكَّلت معطياته السياسية والاجتماعية، ومراحل نمو الوعي بالكيان في أعمال نماذج من المؤرخين الذين يشكِّلون أحد أطياف النخبة الثقافية. على أنَّه ينبغي التذكير أولاً بوجود كتابين بارزين في المكتبة الليبية يحملان هذا العنوان: أولهما للدكتور محمد فؤاد شكري: (ميلاد دولة ليبيا الحديثة) [2] ؛ والآخر للدكتور مجيد خدوري: (ليبيا الحديثة) [3]. ولكنَّ محتوى الكتابين ـ في واقع الأمرـ عن تاريخها المعاصر (ما بعد الحرب العالمية الثانية/ وظهور المملكة الليبية). غير أنَّني سأتجاوز هذا السياق المعاصر إلى الإشارة بإيجاز إلى التطور الجغرافي/ السياسي/ الاجتماعي لليبيا الحديثة، خلال العهد العثماني، وفقاً لمفهوم (التحقيب التاريخي) الشائع غالباً الذي يردُّ بداية العصر الحديث إلى فتح القسطنطينية.

وقد شهد القرن (9هـ/ 15م) حركة (مدٍّ / وجزر) بين عالمي الإسلام والمسيحية في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتركزت تلك التحوُّلات العميقة، خلال ذلك القرن، في القارة الأوربية نفسها، وتمثَّلت أبرز تجلِّياتها في فتح القسطنطينية سنة (857هـ/ 1453م) في فضاء إسلامي جديد / وسقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين بالأندلس سنة (897هـ/ 1492م) وذهاب ذلك الفضاء الإسلامي القديم الذي لا يزال الأسف عليه قائماً في الوجدان التاريخي حتى اليوم؛ وهو ما يقابله بالضرورة أيضاً، أسفٌ مماثل في الوجدان الغربي على ذهاب القسطنطينية والامبراطورية البيزنطية.

ولم يكتفِ الإسبان والبرتغاليون بما يُعرف في المنظور الغربي (بحركة الاسترداد) وإنَّما اشرأبت أعناقهم إلى ملاحقة المسلمين في السواحل الغربية للقارة الإفريقية وبلاد المغرب العربي، واتخذوا لهم عدداً من (المستعمرات الساحلية) التي امتدَّت على الشاطئ الجنوبي لحوض المتوسط من مدينة سبتة سنة (818هـ/ 1415م) إلى مدينة طرابلس سنة (916هـ / 1510م). ولم يكتفِ العثمانيون كذلك بتقدُّمهم في شرقي أوربا خلال ذلك القرن، إذ سرعان ما تحوَّل الصراع بين هاتين القوتين العظميين (الدولة العثمانية / وإسبانيا) في القرن التالي (10هـ/ 16م) إلى شمال القارة الإفريقية أيضاً، وكانت بلدة تاجوراء الريفية الساحلية الواقعة إلى الشرق من مدينة طرابلس بنحو (20 كلم) موطئ أول قدم للوجود العثماني في إيالة طرابلس الغرب، خلال تلك التحوُّلات العميقة في حوض البحر الأبيض المتوسط؛ إذ اتُّخِذت (منطلقاً لوجستياً) لتحرير المدينة المحتلة. 

(1) ـ العهد العثماني الأول (958 – 1123هـ/ 1551 – 1711م)

ينقسم هذا العهد في بنيته السياسية / الإدارية إلى فترتين؛ أولاهما تواكب مرحلة القوة المركزية للدولة العثمانية، وقد كان الوالي خلالها يُعرف بأمير الأمراء (أو بكلربكى، بالكاف اليائي في العثمانية /  Beylerbeyi في التركية الحديثة التي شُرح فيها هذا المصطلح بمعنى: رئيس أمراء السناجق) ويُعَيَّن من العاصمة استانبول. وعندما ضعف ارتباط الإيالات المغاربية بالدولة العثمانية ظهر في حياتها السياسية لقب (الداي) وهي كلمة تركية (طايى؛ بطاء تقرب من الدال لفظاً DAYI) وأُطلقت على من يُدفَع بهم من طرف أعضاء (الديوان) في هذه الإيالات محلياً إلى تولي الحكم، أو يثبون على السلطة، وقد يُثَبَّتون من العاصمة أيضاً فيجمعون بين الصفتين. وقد ظهرت هذه الحالة أولاً في تونس، ثم طُبِّقت في طرابلس، ثم في الجزائر التي استمرَّ فيها حكم الدايات إلى نهاية العهد العثماني هناك [4]. وتتمثل جلُّ التطورات / أو التحوُّلات خلال هذا العهد بإيالة طرابلس، في العناصر التالية:

1 ـ ترسُّخ (نظام الدايات) وغلبة الاستقلال السياسي للإيالة التي وُصِفَتْ بالجمهورية / والجمهورية العسكرية  من الغربيين أنفسهم، وقد خصَّص الطبيب البروفنصالي (جيرار) الذي ظلَّ أسيراً بضع سنوات في طرابلس خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر (1668 ـ 1676م) في مخطوطته الفرنسية الشهيرة التي نُقلت أخيراً إلى العربية، فصلين لحكومة طرابلس: (الفصل العاشر: شكل الحكم السياسي لدولة طرابلس) و(الفصل الحادي عشر: الوضع الراهن وأسماء [ألقاب] موظفي الدولة) [5]. وربما كانت هذه المرحلة مقدمة طبيعية للحركة الاستقلالية اللاحقة في العهد القرمانلي.

التذكار للشيخ الطاهر الزاوي

2 ـ بدايات (التشكُّل الجغرافي السياسي الموسَّع) لإيالة طرابلس الغرب (ليبيا اليوم) وامتداد النفوذ المركزي الفعلي / أو الاسمي ـ على الأقل ـ نحو: الشرق (بنغازي ودرنة) والجنوب (فزَّان) والجنوب الشرقي (أوجلة) والجنوب الغربي (غدامس).

3 ـ ازدياد حجم (الهجرة الأندلسية) إلى بلاد المغرب العربي؛ وخاصة بعد قرار الطرد النهائي سنة (1018هـ/ 1609م) وهي من أبرز المعطيات الحضارية تأثيراً في هذا الفضاء الجغرافي. وقد وصلت بعض الأسر / والجماعات إلى إيالة طرابلس، على قلَّتها بالنظر إلى جموع المهاجرين الأندلسيين في الأقطار المغربية الأخرى [6]. وظهرت (مدينة درنة) التي جدَّدت إنشاءَها بعضُ الجماعات الأندلسية سنة (1040هـ / 1630- 1631م) كما يقول الرحّالة العيَّاشي، وهي تُعَدُّ أبرز مثل للأثر الأندلسي في إيالة طرابلس (ليبيا اليوم).ويبدو أنَّهم اغتنموا الفراغ السياسي في ذلك الطرف من جهة، ومشابهة مدينة درنة الجبلية / الساحلية للطبيعة الأندلسية من جهة أخرى، فأسَّسوا بها وجوداً مستقلاً لم يُعمَّر طويلاً، إذ تمكَّن العثمانيون من ضم المدينة إلى إيالة طرابلس الغرب الناشئة. ومن هؤلاء المهاجرين أيضاً: أسرة الحطاب وأسرة الطشَّاني بتاجوراء، وأسرة الفطيسي بزليطن، كما تنتمي أسرتا المؤرخين ابن غلبون وأحمد النائب الأنصاري إلى أصل أندلسي [7].

4 ـ تطور (البحرية الطرابلسية) وبروز أسطولها في أحداث حوض البحر المتوسط، وخاصة في عهدي محمد باشا الساقزلي (1633- 1649م) وخلفه عثمان باشا الساقزلي (1649 – 1672م) اللذين تميَّزا بطولهما الملحوظ، ومساهمة أسطول طرابلس إلى جانب الأسطول العثماني في بعض المعارك الهامة. ويعطي الطبيب البروفنصالي (جيرار) الذي ظلَّ أسيراً بضع سنوات في طرابلس (1668 – 1676م) خلال تلك الفترة، وأدرك بضع سنوات من عهد عثمان باشا، العديد من التفاصيل عن الأسطول ونشاطه البحري [8].

5 ـ بدايات (التمثيل القنصلي) للدول الغربية في إيالة طرابلس، وقد سبقت إليه ـ كما هو معروف ـ إنجلترا وفرنسا (أواسط القرن 17م) مع ما تلاهما من الدول الأخرى. ولئن كان هذا التمثيل القنصلي يعكس في نشأته ازدياد حجم جالياتها ومصالحها التجارية في بُعده الاقتصادي؛ فمن الجليِّ أيضاً أنَّه يؤكِّد ـ في بُعده الآخر ـ مزيداً من الاستقلال السياسي للإيالة؛ وذلك أنَّ هؤلاء (القناصل) كانوا يشبهون (السفراء) في تمثيلهم الدبلوماسي المباشر لعلاقات دولهم بسلطات الإيالة. إذ يقول الطبيب البروفنصالي (جيرار) المعاصر لتلك الفترة أيضاً: “إنَّ قناصل ملوك أوربا في ازمير وأثينا ومصر وقبرص وحلب الخ … يعترفون بسلطة السفراء المقيمين باستانبول ويخضعون لأوامرهم. أمَّا قناصل بلدان المغرب فليست لهم هذه التبعية، وهم تقريباً مثل السفراء لسادتهم ببلدان المغرب” [9]. 

6 ـ ظهور بعض (الآثار والمنشآت المعمارية) البارزة / أو الباقية بعاصمة الإيالة وبعض أطرافها: جامع مراد آغا بتاجوراء (وهو أول / وأكبر أثر معماري عثماني بإيالة طرابلس)، جامع درغوت، سوق الترك، سوق الرباع، بعض الفنادق للجنود، مدرسة عثمان باشا، جامع شايب العين، مع بعض القصور والمنتزهات والجوامع بالمنشية؛ الضاحية الجديدة الغنَّاء: قصر القبطان وجامعه المجاور قرب زاوية الدهماني؛ جامع خليل باشا بالظهرة.. الخ [10].

7 ـ صدور (حولية البهلول) المفقودة التي يمكن القول، من خلال بعض معطياتها القليلة المحفوظة في (التذكار) لابن غلبون، إنَّها أول نصٍّ مستقلٍ جليٍّ في (التاريخ السياسي) لإيالة طرابلس في ذلك القرن (11هـ/ 17م)، ويشير إليها المؤرخ الفرنسي شارل فيرو باسم (الحولية المحلية) في عدَّة مواضع من (الحوليات الليبية) ولعلها كانت بين مصادره، والمسألة في حاجةٍ إلى مزيدٍ من التقصِّي والمتابعة [11].

(2) ـ العهد القرمانلي (1123 ـ 1251هـ/ 1711 ـ 1835م)

    ازداد هذا الكيان ترسُّخاً خلال العهد القرمانلي [12] ، الذي تميَّز بين سابق ه/ ولاحقه (الأول / والثاني) بسماتٍ واضحة؛ إذ برزت ملامح هذا العهد (المحلي / المستعرب / المستقل) فالعهد القرمانلي من الحركات الاستقلالية المبكرة التي شهدتها بعض الإيالات العثمانية / العربية في المشرق والمغرب، وقد منحت هذه الحركة للبلاد (شكلاً نسبياً) من أشكال الدولة بالمفهوم الحديث [13]. وظهر أثر هذا الكيان فيما يشبه (البلاط) الذي كان يُنشَدُ فيه الشعر باللغة العربية منذ البداية [14]. ويمكن إجمال أبرز التطورات أو التحوُّلات خلال هذا العهد في النقاط التالية:

1 ـ بروز شريحة القولوغلية: التي ظهرت في العهد العثماني الأول؛ وهي أبرز أثرٍ اجتماعي للوجود العثماني في الإيالات المغاربية عامة، ولكنَّها في طرابلس تمكَّنت من تأسيس حكم هذه الأسرة؛ ويمكن القول بإيجاز دالّ: إنَّ ربيع القولوغلية كان في طرابلس، في حين كانوا أضعف شأناً في تونس، ومبعدين / أو في حالة إقصاء بالجزائر [15].

2 ـ صدور كتاب التذكار لابن غلبون: الذي يُعَدُّ (النصَّ التأسيسي) في المكتبة التاريخية الليبية من منظور شمولي، أو (الخطاب الأدبي) المواكب للتحوُّل / والتشكُّل الجغرافي السياسي لليبيا الحديثة؛ إذ أنَّه أول نصٍّ جامع لتاريخها: في إطار مستقل موحَّد منذ الفتح الإسلامي إلى عصر المؤلف (مطلع العهد القرمانلي). وتبرز للكتاب ثلاثة أبعاد عند تأليفه في السمات التالية:

(أ) ـ بعدٌ عاطفي وطني (قصيدة أحمد بن عبد الدائم في الدفاع عن بلاده).

(ب) ـ بعدٌ رسمي سياسي (إيعاز أحمد باشا القرمانلي لابن غلبون بشرح القصيدة ووضع الكتاب).

(ج) ـ بعدٌ تاريخي توثيقي (جهد ابن غلبون في تأليف الكتاب).

3 ـ المعاهدات والسفراء والوكلاء: فقد أبرمت الإيالة في هذا العهد عدة معاهدات سياسية مستقلة مع بعض الدول الغربية [16] ، وكان لها أيضاً سفراؤها (غير المقيمين) المرسلون إلى بعض العواصم الأوربية [17] ، كما كان لها وكلاؤها المقيمون (وهم المقابل اللغوي للقناصل) في تونس [18] ، ومصر [19] ، واستانبول، وازمير [20] ، ومالطا.

4 ـ ظهور منصب وزير الخارجية: في عهد يوسف باشا القرمانلي؛ إذ شغله محمد الدغيس الذي وُصف بها اللقب في بعض المصادر الغربية، في أوائل عهده [21]. كما تولاه ابنه حسونة الدغيس بعد عودته من أوربا، وقد ذكر في (اليوميات الليبية) بهذا المصطلح الغربي: “منيسترو على النصارى والقناصل وغيره” [22]. ومع تواضع هذه النشأة الأولية للمنصب الدبلوماسي، فإنَّ المصطلح قد يعكس مزيداً من تشوُّف يوسف باشا إلى الاستقلال السياسي. 

5 ـ استخدام العربية لغة رسمية: خلال عهد يوسف باشا في بعض المراسلات والمعاهدات مع الدول الغربية. فقد لاحظتُ أخيراً أنَّ الوثائق الرسمية كانت تُدوَّن بالتركية العثمانية/ وبعض اللغات الأوربية قبل عهد يوسف باشا، وفي بداية عهده، ولكنَّها تحوَّلت إلى العربية فيما بعد، فكأنَّها غدت اللغة الرسمية / أو بعبارة أخرى الواقعية، لفعاليات الإيالة وصلاتها السياسية بالدول الغربية غالباً. ونستشفُّ ذلك من ملاحظة (لغات الوثائق) المتعلقة بتاريخ طرابلس في الداخل، وبعض دور الأرشيف في الخارج، التي عُنِي بمتابعتها الباحث الإيطالي باولو توسكي – على سبيل المثال [23]. 

6 ـ تجديد رسم الحدود الغربية مع إيالة تونس: بين يوسف باشا القرمانلي / وحمودة باشا باي تونس سنة (1221هـ/ 1806م). وقد كان هذا الإجراء تجديداً (على موجب الأوامر السابقة من أوائلنا ـ رحمهم الله ـ وأوائل حكومة طرابلس) كما جاء في مرسوم حمودة باشا؛ وهي تلك الحدود الودِّية بين الإيالتين التي تمَّ التلاعب بها بعد الاحتلال الفرنسي لتونس. وفي الوثيقة إحساس جليٌّ بالتقدير المتبادل بين الكيانين المتجاورين [24]. وقد كانت عودة الأسرة القرمانلية إلى الحكم، بعد مغامرة علي برغل، بمعونة سابقة معروفة من حمودة باشا باي تونس.

7 ـ هاجس الدستور لدى المثقف السياسي حسونة الدغيس: (1191 – 1252هـ/ 1778 – 1836م) الذي دفع به إلى طلب إعداد مشروع (دستور لإيالة طرابلس الغرب) بالتعاون مع المشرِّع الإنجليزي جيريمي بينثام (1748 – 1832م) وقد التقى به حسونة في لندن قبل عودته إلى طرابلس [25]. ومع أنَّ هذا الهاجس القانوني ظلَّ نظرياً، بعيداً عن الواقع السياسي المستبد في ذلك العهد؛ فإنَّه يعكس المزيد من الوعي بهذا الكيان على الأقل من منظوري الداخل / والخارج أيضاً (في شخصي الرجلين). وربما استفاد حسونة الدغيس من هذه التجربة في ممارسة عمله الدبلوماسي (وزير الخارجية) الذي اضطلع به بعد عودته إلى بلاده. 

وينبغي التنويه في هذا السياق بهذا (الثلاثي الدّال / على امتداد العهد):

(أ) ـ في مطلع العهد (أحمد باشا): كان المؤرخ ابن غلبون (المحطة الأولى للوعي بالكيان) من خلال كتابه التذكار، كما سيلي أدناه.

(ب) ـ في أواسطه (علي باشا): كان وزيره الكاتب مصطفى خوجه، بجهده / وهوسه، أكبر ناشر للمعرفة في العهد القرمانلي (توفي نحو سنة 1217هـ/ 1802 – 1803م) [26]. 

(ج) ـ في أواخره (يوسف باشا): كان وزير الخارجية حسونة الدغيس أول رمز للتحديث الثقافي/ السياسي في إيالة طرابلس الغرب. وقد التحق في السنة الأخيرة من حياته (1836م) بخدمة الدولة العثمانية في استانبول، قبيل عهد التنظيمات (1839م) [27].

كما ينبغي التذكير أخيراً بأنَّ العهد القرمانلي ينقسم كسابقه أيضاً إلى فترتين، وقد كانت (مغامرة علي برغل) المعروفة في أواخر القرن الثامن عشر، حدّاً فاصلاً بينهما؛ لذلك يُعَدُّ يوسف باشا المؤسس الثاني لحكم هذه الأسرة التي لم يُكتب لها البقاء طويلاً بعد تنازله مضطراً لابنه علي باشا الثاني.

صحيفة الترقي

(3) ـ العهد العثماني الثاني  (1251 ـ 1329هـ/ 1835 ـ 1911م).

ينقسم هذا العهد ـ كسابقيه أيضاً ـ إلى فترتين متمايزتين وهما فترة الإيالة (1835 – 1865م) وفترة الولاية (1865 – 1911م). وقد جاءت عودة الحكم العثماني المباشر إلى إيالة طرابلس قبيل عهد التنظيمات (1839م)؛ لإعادة نفوذ الدولة المركزية من جهة، وفي ظروف مستجدَّاتٍ دولية أبرزها الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة (1830م) من جهة أخرى. لذا كانت الفترة الأولى مليئة بالصراع مع بعض القوى المحلية التي كان لها في العهد القرمانلي قدر ملحوظ من النفوذ الجهوي في نطاقها، وأبرزها حركة عبد الجليل سيف النصر في المنطقة الوسطى والجنوبية، وحركة غومة المحمودي في الجهات الغربية.

وقد كانت حركة التحوُّل إلى نظام الولاية وما تخللها من لوائح وقوانين ونظم وراء كثير من مظاهر التحديث التي شهدتها الولايات العثمانية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بشيء من التشابه، مع قدر من الفروق والتفاوت الذي يرتبط بظروف كل ولاية بطبيعة الحال [28]. وعلى ذلك يمكن القول باختصار إنَّ الفرق الجوهري بين مصطلحي الإيالة/ والولاية يتمثَّل في تطور البنية الإدارية للولايات، وما صحبها من مظاهر التحديث في مختلف المجالات، ضمن الإطار العام لحركة الإصلاح العثماني. ويمكن إجمال جُلِّ تلك المظاهر في النقاط التالية:

1 ـ مجلس الإدارة: الذي ظهر أولاً في أواخر فترة الإيالة باسم (المجلس الكبير) ثم عُرف بمجلس الإدارة؛ وهو يضمُّ شريحتين من الأعضاء: الأعضاء الطبيعيين بحكم مناصبهم الكبرى في مركز الولاية أو السنجق، كالمتصرف، والقاضي، والمفتي، والدفتردار (المسئول المالي)/ وعدداً من الأعضاء المنتخبين من السكان [29].

2 ـ مؤسسة البلدية: التي جاءت تطويراً وتحديثاً لنظام (شيخ البلاد/ وجماعة البلاد) الموروثة عن مؤسسة الحسبة في الحضارة الإسلامية. وأولها بلدية طرابلس التي أُسِّست سنة (1870م) وللبلدية رئيس ومجلس منتخب [30]. وقد ازدادت هاتان المؤسستان الجديدتان (مجلس الإدارة / والبلدية) انتشاراً على مستوى التقسيمات الإدارية للولاية (سناجق / قضاءات) وهو ما تعكسه أعداد السالنامة، بالرغم من عدم انتظامها في الصدور. وتمثل هاتان المؤسستان مشاركة نسبية للسكان في الإدارة المحلية.

3 ـ المجلس العمومي: وهو غير مجلس الإدارة، إذ أنَّه مجلس مركزي شامل لكل أطراف الولاية، ويضمُّ بضعة أعضاء من كل سنجق، وينعقد مرة واحدة في السنة، على ألا تزيد اجتماعاته على أربعين يوماً [31]. وقد التأمت أولى دوراته بولاية طرابلس سنة (1286هـ/ 1869م) [32]. وهو يُعَدُّ أول شكل بسيط (للتمثيل الشعبي في ليبيا) أو البداية الجنينية لمفهوم (مجلس النوَّاب). ويناقش المجلس العمومي الموضوعات المتعلقة بمختلف أطراف الولاية؛ كالزراعة، والأشجار، والآبار، والمزرعة النموذجية، ودار الإصلاح (اصلاح خانه) ومستشفى الغرباء…، ووفقاً لبعض الوثائق التي وقفتُ عليها في أرشيف رئاسة الوزراء باستانبول، فإنَّ دورة المجلس العمومي المنعقدة خلال سنة (1288هـ/ 1871م) – على سبيل المثال – كانت تضمُّ، إلى جانب الوالي محمد حالت باشا (رئيس المجلس) ومفتش حكّام الولاية (من السلك القضائي – الرئيس الثاني): ثلاثة أعضاء من سنجق مركز الولاية، وعضوين من سنجق بنغازي، وثلاثة أعضاء من سنجق الخمس، وأربعة أعضاء من سنجق الجبل الغربي، وأربعة أعضاء من سنجق فزان. كما ترد في صحافة العقود الأخيرة من العهد العثماني بعض المتابعات والإفادات عن المجلس العمومي في الولاية [33]. وقد نُشرت إحدى الوثائق عنه، موضوعها: (اقتراح مقدَّم من الشيخ أحمد قراطم ناصر، عضو المجلس العمومي، إلى رئيس المجلس/ وهو الوالي، عن ضرورة استخدام العارفين بالعربية في المحاكم، ومسائل أخرى، وهي بتاريخ 25 نيسان 1325 مالية/ 1909م [34].

4 ـ المطبعة والصحيفة الرسمية: طرابلس الغرب (1283ﻫ/ 1866م): وهي أول مظاهر التحديث الثقافي، وكانت في مقدمة الأعمال التي ظهرت عند التحوُّل إلى نظام الولاية، وقد صدرت في أربع صفحات، مزدوجة باللغتين العثمانية والعربية، كغيرها من الولايات وفق وضعية كل ولاية في تلك الفترة، واستمرَّت إلى نهاية العهد العثماني. ومن الجدير بالذكر في سياق هذه الأمسية الثقافية، أنَّ محرِّر القسم العربي في العدد الأول من هذه الصحيفة البكر في تاريخنا الثقافي، أو (أول محرِّرٍ صحفي في ليبيا) كان أحد كبار العلماء آنذاك؛ وهو الأديب أحمد بن شتوان الذي ولد بمصراتة، وتلقى دروسه الأولى بها وبطرابلس، ثم اتصل بالحركة السنوسية في برقة التي لّبِثَ بها زمناً [35] . ، فرزق هناك بابنه محمد منصور شتوان (وُلد في بنغازي سنة 1277هـ/ 1860 – 1861م [36] .، وغدا فيما بعد أحد أعضاء مجلس المبعوثان العثماني باستانبول). كما رحل ابن شتوان (الأب) إلى مصر والتقى بعددٍ من كبار علمائها. ولا شكَّ أنَّ مراحل دراسته المتعددة في هذه البيئات الثقافية المتنوعة قد أتاحت له تكويناً علمياً متيناً لم يَخْفَ على معاصريه، وهو ما قدَّمه – فيما يبدو – إلى الاضطلاع بهذه المهمَّة الثقافية الجديدة المتميِّزة في تاريخ الولاية. وقد رحل إلى استانبول واشتغل بالتدريس إلى أن توفي هناك، ودُفن بمقبرة جامع السلطان محمد الفاتح، ووقفتُ بها على شاهد قبره الذي نُقش عليه بالتركية العثمانية نصٌّ بسيطٌ مؤدَّاه ما يلي: “هو الباقي. الحاج أحمد شتوان أفندي من أشراف بنغازي ومن المحدِّثين الكرام، لروحه الفاتحة، سنة 1299هـ”. (1881 – 1882م). وهذا العالم الأديب الذي نُسِب إلى بنغازي – كما ترى – كان أول محرر للقسم العربي بصحيفة طرابلس غرب التي تصدر بعاصمة الولاية [37] .

5 ـ السالنامة: مصطلحٌ عثماني مركَّب من الكلمتين الفارسيتين (سال: سنة / ونامه: كتاب) ويعني كتاب السنة، أو (الحولية) في العربية، وقد تعدَّدت أنواعها: ومنها سالنامة الدولة العثمانية التي صدر عددها الأول سنة (1263ﻫ/ 1847م)، وسالنامات بعض الوزارات والمؤسَّسات المركزية، وسالنامات الولايات [38] .وقد صدر من سالنامة ولاية طرابلس الغرب (ثلاثة عشـر) عدداً خلال السنوات (1286 – 1312ﮪ/ 1869 – 1894م) وهي حوليةٌ جامعةٌ للتشكيلات الإدارية، مع العديد من المعطيات عن أوضاع الولاية في تلك الفترة. وينبغي التنويه في هذا السياق ـ على وجه الخصوص ـ بأنَّها وثيقة جامعة لأطراف الولاية بكل سناجقها، باستثناء سنجق بنغازي الذي شهد بعض التحوُّلات الإدارية الخاصة؛ إذ كان يتبع ولاية طرابلس أحياناً، كما فُصل كمتصرفية أو ولاية أحياناً أخرى، لاعتباراتٍ إدارية صرفة. وقد أُلحقت بالعدد الأول من السالنامة (خريطة الولاية) بسناجقها الخمسة، وهي أقدم الخرائط العثمانية الجامعة بعد التحوُّل إلى نظام الولاية. كما كان العدد الأخير من سالنامة الولاية (المصدر الدفين) للجزء الثاني من (المنهل العذب) [39] .

6 ـ الصحافة الأهلية: وفي مقدمتها صحيفة (الترقي) التي أصدرها الشيخ محمد البوصيري سنة (1315هـ/ 1897م) وهي أول صحيفة شعبية ليبية، و(مجلة الفنون) التي أصدرها الأستاذ محمد داود أفندي سنة (1316هـ/ 1898م) وهي أول مجلة تصدر في ليبيا، وكانت مجلة علمية (وفقاً لمعنى الاسم في العثمانية) [40] . في حين كان ربيع الصحافة الأهلية في السنوات الأخيرة من العهد العثماني (1908 – 1911م) التي صدرت خلالها عدة صحف شعبية معروفة: العصر الجديد، والكشّاف، وأبوقشَّة (ساخرة نقّادة)، وتعميم حرّيت (باللغة التركية)،  والمرصاد، والأسد الإسلامي (في القاهرة)، ودار الخلافة (باستانبول) [41] .

7 ـ تحديث التعليم: بتأسيس بعض المدارس الحديثة، مع استمرار العطاء في المدرسة التراثية التقليدية التي كان الشيخ محمد كامل بن مصطفى أبرز ممثليها؛ وقد غدا المفتي الحنفي للولاية، و(أستاذ الجيل) مشاركاً أيضاً (وفقاً لمعطيات السالنامة) في التعليم بالمدرسة الرشدية، وعضواً منتخباً / وطبيعياً بحكم منصبه، في مجلس الإدارة، وعضواً بمجلس المعارف [42] . وأخصُّ بالذكر في هذا السياق (مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية) التي تُعَدُّ اليوم أعرق المؤسسات التعليمية الحديثة القائمة، وكانت في حينها محاولة للنهوض بالحرف التقليدية/ والتعليم التقني، وقد ضمَّت أطيافاً من أبناء الولاية، بل ضمَّت إليهم أيضاً بعض الطلاب من ولايات أخرى [43] . ولعلها أقدم قسم داخلي جامع للطلاب على النمط الحديث، بعد تجربة (الزوايا العلمية) القديمة [44] . وقبل ظهور (الجامعة الليبية) في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين [45].

مجلة الفنون

ومن هذه المظاهر أيضاً تطوير النظام القضائي وظهور المحاكم الحديثة [46] . ، والبداية المبكرة للمسرح الذي كان يُعرف (بالتشخيص) [47] . ، وقد جاء المسرح الحديث بعد فرجة (القره كوز: العين السوداء KARAGOZ: خيال الظل) المعروفة…الخ [48] . ومنها – على سبيل الملحة – الحديقة الكبرى لمدينة طرابلس شرقي القلعة (إزاء ميدان الغزالة) التي شُرع في إنشائها في عهد الوالي علي رضا باشا، والمزرعة النموذجية للولاية (سواني راسم باشا) التي غدت مقرّاً لوزارة الزراعة منذ عقود عديدة.

(4) ـ التليسي ومقولة الوعي بالكيان.

عبَّر الأديب المؤرخ الأستاذ خليفة محمد التليسي (1930 – 2010) أخيراً عن ذلك التطور في الحس الوطني لدى بعض المؤرخين، بمقولة: (محطات الوعي بالكيان) التي لخَّصها بثلاث محطات في الرموز التالية [49] .

المحطة الأولى: يمثلها ابن غلبون.    

المحطة الثانية: يمثلها أحمد النائب الأنصاري.

المحطة الثالثة: وهي تجمع– فيما يرى – بين مؤرخين:

– الطاهر أحمد الزاوي ممثلاً لنهاية المدرسة التاريخية التقليدية.

– مصطفى عبد الله بعيُّو ممثلاً لبداية المدرسة التاريخية الحديثة.

ويبدو أنَّ بوادر إحساس المثقفين المعاصرين بهذه (البداية/ المحطة القرمانلية الأولى للوعي بالكيان) تعود إلى فترة أسبق قليلاً؛ فقد وقفتُ أخيراً على هذه الإشارة الدَّالة في مقالة للأستاذ محمد الماعزي، بعنوان: (ذكرى شيخ الصحافة الطرابلسية المرحوم الشيخ محمود نديم بن موسى) جاء فيها: “وبعد أن نال حظاً وافراً من التحصيل عاد [من الأزهر] عام 1323 هجرية [1905 – 1906م] إلى طرابلس، فنُصِب مدرساً أولاً بجامع المغفور له منشئ الكيان الأول لهذه البلاد ساكن الجنان أحمد باشا القره مانلي” [50] .


الحواشي:

أُلقيت هذه المساهمة الموجزة في أمسية ثقافية عن (الوحدة الوطنية) دعا إليها الأخ الفاضل الدكتور عبد الرحيم الكيب (رئيس الوزراء الأسبق) مساء السبت (28 ـ 5 ـ 2016م). وأودُّ أولاً في مستهلِّ هذه المشاركة المتواضعة أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الدكتور الكيب الذي لم ألتقِ به من قبل، ولكنَّه تفضَّل بدعوتي عبر الهاتف إلى هذه المشاركة، راجياً لشخصه الكريم، ولكل المعنيين بالشأن الوطني في مثل هذا السياق الفكري/ الثقافي أطيب الأمنيات بالتوفيق المطرد ـ بإذن الله تعالى. وقد حثَّني على المساهمة المحرَّرة برسالته الهاتفية التالية: (رجائي أن يركِّز خطابكم على ما يوضِّح أهمية الوحدة الوطنية، وما يؤكِّد على ضرورتها، وأن يكون مجمِّعاً و”باثّاً” للأمل، وستكون لنا لقاءاتٌ أخرى لبحث التفاصيل والقضايا الخلافية بشكل علمي وعملي وودِّي. لكم مني جزيل الشكر والتقدير. عبد الرحيم الكيب) مساء الجمعة 27 ـ 5 ـ 2016.  لذا رجَّحتُ الكتابة بإيجازٍ موثَّق، على المداخلة الشفوية، وزدتها تنقيحاً وبعض الحواشي، بعد إلقائها.

* [نشرت في صحيفة فبراير، العدد 997 (الأحد 29 شعبان 1437هـ/ 5 يونيو 2016م) ص 8 – 9].

ـ الدكتور محمد فؤاد شكري، ميلاد دولة ليبيا الحديثة: وثائق تحريرها واستقلالها ـ الجزء الأول (1945 ـ 1947م)، القاهرة: مطبعة الاعتماد، 1957م. وقد جاء في مستهل التصدير: “وبعد فهذا كتاب عن نشأة المملكة الليبية المتحدة حفَّزني إلى كتابته افتقار المكتبة العربية إلى تاريخ وافٍ لميلاد هذه الدولة العربية الجديدة” ص 1.

ـ الدكتور مجيد خدوري، ليبيا الحديثة: دراسة في تطورها السياسي، ترجمة الدكتور نقولا زيادة، مراجعة الدكتور ناصر الدين الأسد، بيروت: دار الثقافة، ؟

ـ عزيز سامح، الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية، ترجمة عبد السلام أدهم، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، 1969، ص  292 ـ 293. 

ـ جيرار البروفنصالي، تاريخ مملكة طرابلس الغرب (في القرن السابع عشر)، نقله إلى العربية الدكتور عبد الحكيم عبد السلام الأربد، طرابلس: المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية (تحت الطبع) ص 135 ـ 148 (من نسخة مصورة عن التجربة الطباعية الأخيرة). وفي هذه الترجمة الطلية العديد من الحواشي المزيدة التوضيحية.

ـ لمزيد من التفاصيل انظر: نزيهة أبو القاسم الرجيبي، الهجرات الأندلسية وأثرها على منطقتي تونس وليبيا في الفترة من نهاية القرن الثالث عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، رسالة ماجستير، جامعة الزاوية – مركز البحوث والدراسات العليا، العام الجامعي (2003 – 2004).

ـ د. عبد الحميد عبد الله الهرَّامة، “الهجرة الأندلسية إلى ليبيا: أسرة المؤرخ أحمد النائب الأنصاري نموذجاً” ضمن: المؤرخ أحمد النائب الأنصاري (1264 ـ 1336هـ / 1848 ـ 1918م)): حياته وآثاره وعصره في الذكرى المئوية لصدور كتابه مع نهاية القرن (1899 ـ 1999م)، أعمال ندوة علمية، تحرير عمار محمد جحيدر، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2008، ص 63 ـ 102.

وانظر أيضاً: علي محمد أبو راس، “أسرة العسوسي وأسرة الحطاب: دراسة مقارنة “، ضمن: أعمال الندوة نفسها.

ـ جيرار البروفنصالي، تاريخ مملكة طرابلس الغرب (في القرن السابع عشر)، نقله إلى العربية الدكتور عبد الحكيم عبد السلام الأربد، وقد خصص لها الفصول (15، 16، 17) ص 173 ـ 203، من النسخة المصورة عن التجربة الطباعية. 

ـ المصدر نفسه، (الفصل العشرون: في القناصل الذين يحتفظ بهم الأمراء المسيحيون في مدن بلدان المغرب) ص 233 ـ 238.

ـ عن التطور العمراني في العهد العثماني انظر: د. علي مسعود البلوشي، تاريخ معمار المسجد في ليبيا في العهدين العثماني والقرمانلي (1551 – 1911م): نشأة ونمو وتطور أنماط المساجد الليبية، طرابلس: جمعية الدعوة الإسلامية، 2007م.

ـ عمار محمد جحيدر، “الدكتور محمد عبد الكريم الوافي (1936 – 2011م) مؤرخاً محققاً: قراءة في الحوليات الليبية أنموذجاً” ضمن أعمال ندوته التكريمية، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية (قيد النشر). [أدرج البحث في هذا الكتاب أيضاً].

ـ انظر: إنعام شرف الدين، مدخل إلى تاريخ طرابلس الاجتماعي والاقتصادي: دراسة في مؤسَّسات المدينة التجارية (1711 – 1835م) طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 1998، ص 252، 354. وترى الباحثة “أنَّ النظام السياسي الذي أقامه القرمانليون لا يعدو أن يكون سوى سلطة مركزية، ولا يرقى  لبناء الدولة”.

ـ عمار جحيدر، مصادر دراسة الحياة الفكرية في ليبيا في العهد القرمانلي (1123 – 1251هـ/ 1711 – 1835م)، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2003، ص 18.

ـ محمد بن خليل ابن غلبون، التذكار فيمن ملك طرابلس و(مَن) كان بها من الأخيار، عُني بتصحيحه والتعليق عليه الطاهر أحمد الزاوي، ط  3 بيروت: دار المدار الإسلامي، 2004، ص  299 – 300.

ـ عمار محمد جحيدر، القولوغلية في ليبيا: تأصيل لغوي/ تاريخي لمصطلح عثماني، ومقاربة أولية لشريحة من السكان. دراسة مخطوطة (عُرضت في محاضرة ضمن الموسم الثقافي بالمركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية سنة 2012).

ـ نُشر بعضها ضمن مجموعة الوثائق التي جمعها الأستاذ كمال الدين الخربوطلي وألحقها بكتاب: رودلفو ميكاكي، طرابلس الغرب تحت حكم أسرة القرمانلي، نقله للغة العربية طه فوزي، القاهرة: معهد الدراسات العربية العالية، 1961. (انجلترا، البندقية، إسبانيا، سردينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، تسكانيا، نابولي، فرنسا).

ـ محمد مصطفى بازامة، الدبلوماسية الليبية في القرن الثامن عشر: عبد الرحمن آغا البديري (1720 – 1792م)، بنغازي: مكتبة قورينا للنشر والتوزيع، د. ت.

ـ عمار جحيدر، “العلاقات الليبية التونسية في القرن التاسع عشر: ملاحظات أولية على نشاط الوكلاء”، المجلة التاريخية المغربية (تونس) العدد 29 – 30 (جويلية 1983).

ـ سامح إبراهيم عبد الفتاح عبد العزيز، العلاقات بين مصر وطرابلس الغرب في عهد الأسرة القرمانلية، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2008، ص 245 ـ 249.

ـ حسن الفقيه حسن، اليوميات الليبية، الجزء الأول (958 – 1248هـ/ 1551 – 1832م)، تحقيق محمد الأسطى وعمار جحيدر، ط 2 طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2001، ص 227.

ـ منصور عمر الشتيوي (جمع وترجمة)، حرب القرصنة بين دول المغرب العربي والولايات المتحدة، طرابلس: مؤسسة الفرجاني، 1970، ص 231 (وثيقة بتاريخ 16 مارس 1805).

ـ حسن الفقيه حسن، اليوميات الليبية، ج 1 ص  332.

ـ باولو توسكي، المصادر غير المنشورة لتاريخ طرابلس، ترجمة وتعليق د. إبراهيم أحمد المهدوي، بنغازي: جامعة قاريونس، 2003، 199 ص.

ـ نشرتُ نصَّ الوثيقة – نقلاً عن أحد سجلات محكمة طرابلس الشرعية: عمار جحيدر، آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث، الدار العربية للكتاب، 1991، ص 221 – 222.

ـ أ. ج. هيوم، “الاستعدادات للحرب الأهلية في طرابلس في عشرينات القرن التاسع عشر: علي القرمانلي وحسونة الدغيس وجيرمي بينثام” ترجمة د. عقيل البربار، مجلة الشهيد (طرابلس) العدد الثالث والثلاثون (2012) ص 11 – 34.

ـ عمار محمد جحيدر، “الوزير الكاتب الليبي مصطفى خوجه أكبر ناشر للمعرفة في العهد القرمانلي”، دراسة نشرت في خمس حلقات بصحيفة الدعوة الإسلامية الأسبوعية (طرابلس) العدد 1426 (12 جمادى الآخرة 1436هـ/ 1 أبريل 2015م) والأعداد الأربعة التالية (1427 – 1430).

ـ الدكتور عبد الجليل التميمي، بحوث ووثائق في التاريخ المغربي (1816 – 1871م)، تونس: الدار التونسية للنشر، 1972م. يعود الفضل إلى الدكتور التميمي في الكشف عن هذا المثقف السياسي الذي شغل جزءاً من أطروحته القيمة. ولا أزال معنياً بإعداد كتاب أنشر فيه بعض الوثائق عن (المثقف السياسي حسونة الدغيس) ـ بإذن الله تعالى.

ـ عن التحديث بولاية طرابلس الغرب في العهد العثماني الثاني انظر:

ـ د. صلاح الدين حسن السوري، “تحديث المؤسسات التعليمية والقضائية والدينية في ولاية طرابلس الغرب 1835 – 1911م”، مجلة البحوث التاريخية، السنة الخامسة – العدد الثاني (يوليه 1983م) ص 227 – 237.

ـ د. محمد الكوني بالحاج، التحديث العثماني في ولاية طرابلس الغرب (1864 – 1911م)، أطروحة دكتوراه، جامعة الجزائر ـ كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، (صدرت في كتاب ضمن منشورات جامعة الزاوية).

ـ عمر رمضان حمودة، أثر انقلاب 1908 بالدولة العثمانية في المنحى التحديثي للفئة المثقفة في ولاية طرابلس الغرب (1908 – 1911م)، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2006م.

ـ د. عبد الله علي إبراهيم، “مجلس الإدارة في ليبيا في العهد العثماني الثاني” مجلة البحوث التاريخية (طرابلس) السنة الثانية ـ العدد الأول (يناير 1980) ص 11 – 30.

ـ انظر العمل التوثيقي الجماعي الذي أصدرته بلدية طرابلس، بلدية طرابلس في مائة عام (1286 – 1391هـ/ 1870 – 1970م)، طرابلس: شركة دار الطباعة الحديثة.

ـ الدستور، الترجمة العربية لبعض الأجزاء، نوفل نعمة الله نوفل، بمراجعة وتدقيق خليل أفندي الخوري، بيروت: المطبعة الأدبية، 1301هـ، ج 1 ص 385 – 386 (قانون الولايات، المواد 25 – 27).

ـ أرشيف رئاسة الوزراء باستانبول، شوراى دولت أوراقى، وثيقة رقم 5/ 2323.

ـ منها ـ على سبيل المثال ـ إفادة مطوَّلة عن (تشكيل المجلس العمومي بالولاية) صحيفة (الترقي) العدد 92 (سلخ ذي الحجة 1326هـ/ 10 كانون ثاني 1324 مالية) يناير 1909م. وفي العدد 99 (21 صفر 1327هـ/ 28 شباط 1324 مالية/ مارس  1909م): “المجلس العمومي: انجازاً لوعدنا المتكرر نأتي اليوم بكلمتنا في هذا الصدد، تذكيراً لحضرات أعضاء المجلس، وإيقاظاً للعموم، حيث قد قرب الأوان لانعقاد المجلس، والشروع في تقرير ما يلزم من وسائل عمران الولاية”. وفي أعداد مختلفة من صحيفة الترقي أيضاً عدة إفادات/ ومتابعات أخرى عن المجلس العمومي.

ـ وثائق تاريخ ليبيا الحديث: الوثائق العثمانية (1881 – 1911م)، جمع وترجمة عبد السلام أدهم، ترتيب ومراجعة وتقديم د. أحمد صدقي الدجاني، من منشورات جامعة بنغازي، 1974، الوثيقة 135 ص 228 – 230. ويلي الوثيقة أيضاً قرار المجلس الذي يُشار فيه إلى رفض مطلب اللغة، بحجَّة أنَّ لغة الدواوين الرسمية هي العثمانية الخ، كما ترد بها أسماء أعضاء المجلس العمومي آنذاك.

– علي مصطفى المصراتي، لمحات أدبية عن ليبيا. طرابلس: المطبعة الحكومية، 1956، ص49 – 51.

– توجد ترجمته الرسمية في أرشيف رئاسة الوزراء باستانبول، سجل أحوال، دفتر رقم 77، ص 279.

ـ لمزيد من التفاصيل عن تأسيس المطبعة وظهور العدد الأول من الصحيفة انظر: عمار جحيدر، “بدايات الصحافة الليبية: العدد الأول من صحيفة طرابلس غرب (1283هـ/ 1866م) ضمن ندوة: المجتمع الليبي (1835 ـ 1950)، تحرير د. محمد الطاهر الجراري، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2005. (البحث منشور أيضاً في هذا الكتاب).

ـ أعدَّ الباحث التركي الأستاذ حسن دومان كتاباً توثيقياً (ببليوجرافياً) قيّماً لمجمل السالنامات في العهد العثماني:

Hasan  Duman, Osmanli  Ylliklari: (Salnameler  ve  Nevsallar), Istanbul 1982.                                                  

ولهذا الكتاب تقديم موجز بالعربية للدكتور أكمل الدين إحسان أوغلى/ وغلاف بالعربية أيضاً، وعنوانه: (الفهرس الموحَّد للتقاويم العثمانية: السالنامات والنوسالات الموجودة في مكتبات استانبول) من منشورات مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول، 1402هـ/ 1982م، في 135 ص.

ـ انظر المزيد من التفاصيل في : “سالنامات ولاية طرابلس الغرب  في العهد العثماني الثاني”، المنشور أيضاً في هذا الكتاب.

ـ نشرها الأستاذ الجليل علي مصطفى المصراتي في كتاب جامع يضمُّ كل أعدادها، مع تقديم وفهرسة (نحو سنة 2007).

ـ علي مصطفى المصراتي، صحافة ليبيا في نصف قرن: عرض ودراسة تحليلية لتطور الفن الصحفي في ليبيا، ط 2 طرابلس: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، 2000.

ـ لمزيد من التفاصيل انظر: د. محمد مسعود جبران، محمد كامل بن مصطفى (1828 – 1897م) وأثره في الحياة الفكرية في ليبيا، ط 2 طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 1996.

ـ انظر: مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية بمدينة طرابلس في مائة عام (1898 – 1998م)، كتاب توثيقي شارك في تأليف فصوله: محمود الصديق أبو حامد، د. عبد الكريم أبو شويرب، علي الصادق حسنين، سالم سالم شلابي، م. بدر الدين خليفة الشح، سالم محمود أبو سالم؛ أشرف على تحريره ونشره وقدَّم له عمار جحيدر، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، والإدارة العامة لمدارس الفنون والصنائع  الإسلامية، 2000، ص 111 ـ 114.

ـ انظر بعض المقاربات حولها في الندوة العلمية التالية: الكتاتيب والزوايا وأعلام تحفيظ القرآن الكريم (طرابلس 1999م)، تحرير الفرجاني سالم الشريف، طرابلس: مركز جهاد للدراسات التاريخية، 2008.

ـ انظر عنها: سالم الكبتي، من تاريخ الجامعة الليبية (1955 – 1973) كتاب توثيقي، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون –  بنغازي: دار الساقية للنشر، 2012، 189 ص.

ـ انظر: علي عمر الهازل، النظام القضائي في ولاية طرابلس الغرب في العهد العثماني الثاني (1835 – 1879م)، طرابلس: المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، 2009، 352 ص.

ـ صحيفة (الترقي) العدد 78 (30 شعبان 1326هـ/ 13 أيلول 1324 مالية/ 1908م). وفي العدد 86 (11 ذي القعدة 1326هـ/ 22 تشرين ثاني 1324 مالية/ 1908م): “ثم توجَّه الجميع إلى مرسح (كذا) التمثيل حيث كانت جمعية إحياء هذا الفن قد قرَّرت تشخيص رواية (وطن) إكراماً لهؤلاء الضيوف [إشارة إلى طاقم الطرّادة الدانماركية الزائرة] وكان كثير من القناصل قد دُعي إليها معهم، فلما دخلوا المرسح (كذا) وتكامل عدد المدعوين، نطق حضرة الغيور محمد قدري أفندي، موجد هذا الفن بهذه البلاد، خطبة شائقة…”.

ـ انظر: البوصيري عبد الله، “الأبعاد الاجتماعية والسياسية في تجربة المسرح الليبي: مرحلة الاحتلال 1835 – 1952” ضمن: المجتمع الليبي (1835 – 1950) أعمال ندوة علمية (طرابلس 2000)، تحرير د. محمد الطاهر الجراري، طرابلس: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، 2005، ص 655 – 672.

ـ خليفة محمد التليسي “شهادة: المنهل العذب بين الأمس واليوم (1960 – 1999)” ضمن ندوة: المؤرخ أحمد النائب الأنصاري (المذكورة أعلاه…) ص 483 – 493، وخاصة ص 486. 

ـ نُشرت بصحيفة طرابلس الغرب (يناير 1953). ترى هل قرأ التليسي هذه المقالة آنذاك، وقد كان أديباً شابّاً في أوائل العقد الثالث من عمره، كما كانت له متابعة ومساهمات منشورة في الصحيفة نفسها؟

مقالات ذات علاقة

التناص مع القرآن الكريم في الشعر الليبي

سالم أبوظهير

لغة التبو

عبدالمنعم المحجوب

ليبيا واسعة – 33 (حرش)

المشرف العام

اترك تعليق