الشيخ محمد أحمد بن ساسي.
شخصيات

كلمات وذكريات في وداع سيدي الشيخ محمد بن ساسي رحمة الله عليه

عبدالحكيم أبوزيان

عن حائط الصديق “هشام بن ساسي

الشيخ محمد أحمد بن ساسي.
الشيخ محمد أحمد بن ساسي.

ودعنا بالأمس القريب ثلَّةً جليلةً من أعلام القرآن.. وها نحن نودّع علما آخر من أعلام المساجد والصلاة والقرآن والذّكر: إنه سيدي محمد بن ساسي. 
الشيخ القارئ المحفّظ إمام الصلوات الخمس وخطيب الجمعة، صاحب الصوت النّدي، والنغم المميّز، 
من أهل القرآن المتقنين لأدائه على قراءة أهل المدينة المنورة وعلى مذهبهم الفقهيِّ ومن أهل الذكر وشيخ الطريقة القادرية بمصراتة..

عرفته منذ صغري ولأول مرة حينما جاء لحضور ختم البغدادي بجامع عبد الحليم بالرملة سنة:1982م عندما كنا طلابا ندرس هناك على يدي الشيخ الفاضل سيدي مصطفى محمد بن عثمان فقرأ في افتتاح قراءة البرزنجي آخر التوبة (لقد جاءكم رسول من أنفسكم..)حتى نهاية السورة بصوت بديع، وأداء مَهيب. ثم شرع في قراءة السيرة العطرة بذلك الصوت الشجي الذي لا يمله السامع، وبتلك النبرة الإفريقية المغاربية الخالصة من التّكلّف، التي تختزل كل معاني الانتماء للتاريخ وللحضارة وللثقافة!! في أواسط الثمانينات تعرفتُ عليه في الحلقة العلمية التي كان يعقدُها مجموعة من كبار السنّ كل يوم خميس بجامع الشيخ امحمد بوسط السوق ومن بين مَن أذكر منهم الحاج فرج أبوليفة والحاج أحمد الجروشي من مواليد:1899م والحاج عمر بن إسماعيل تقريبا من مواليد1900م أو قبل والحاج عمر صالح الرعيض من مواليد الثلاثينات من القرن الماضي ـ رحمهم الله ـ والحاج حسين القصير مؤذن جامع الفرجاني بالرملة منذ1969 إلى أذان هذا اليوم فكان هو من يقومُ بسرد كتاب المدونة وكان الشيخ امحمد افنيخرة يقوم بالتوضيح والبيان والتعليق على نصوص المدوّنة..

وقد كانت تلك الحلقة العلمية تكونت منذ حوالي1972م تقريبا، وكان مكان الجلوس في الركن القبلي الشرقي لبيت الصلاة(محل دخول الإمام اليوم) فكنتُ أتردد عليهم صباحَ كلّ خميس إلى أن انتهت الحلقة العلمية بالبدء في صيانة المسجد وإزالة الجزء الشرقي منه أواخر الثمانينات ..استمرت علاقتي بالشيخ المعمّر فيما بعدُ وترددت عليه بالزيارة في منزله أكثر من مرة بعد عجزه وكان كلما التقيتُه ذكرني بتلك الأيام.. الشيخ محمد بن ساسي أعطي العديد من المواهب منها: الفتح على يديه حيث تخرج على يديه العديد من الطلاب الحفظة النجباء أبرزهم من المتأخرين: الشيخ القارئ محمد حسن بازينة، والشيخ القارئ عبد الله علي القليب والشيخ القارئ مصطفى القليب والشيخ القارئ عبد الحميد أبو زريدة والشيخ محمد عبد الكافي غيرهم كثير…

فهو شيخ مشايخ الكثيرين من أبناء هذه المدينة ومن سلالة جهده وبذله.. زرتُه في منزله يوم الثلاثاء19 رمضان 1433هـ الموافق7/8/2012م بعد صلاة التراويح مع بعض الأصدقاء وها أنا أدوّن ما ذكره لي حرفيا: الاسم: محمد احمد محمد سالم مَحِمِّد ـ فتحا ـ بن ساسي. من قبيلة المقاوبة وأمه: عائشة بنت خليل تربلو..من مواليد سنة: 1915(عام القرضابية) وبالتحديد قال لي تقريبا(الأسبوع اللي دخل فيه رمضان السويحلي لمصراتة بعد كسْرة الطليان في القرضابية) قرأ بداية على يدي الشيخ محمد قرواش في جامع السور وحفظ القرآن على يدي الشيخ محمد الصوفي من أولاد بعيو ..ثم ختمت ختمة أخرى بالزروق على الشيخ عبد الله التاباوي والشيخ محمد بن منصور وكان عمري وقتئذٍ خمس عشرة سنة قرأ معي بالزروق الشيخ مصطفى بن عثمان وأعاد معنا الشيخ محمد قريو القلم في الزروق. قرأنا على الشيخ ارحومة الصاري ما يلي:1 ـ الآجرومية بشرح خالد الأزهري، ومتن المقدمة الأزهرية …وقرأت على الشيخ رمضان أبو تركية في منزله الرحبية والصفتي والقطر.

انتقلت لجامع السور إماما سنة1935م وكنتُ أدرّس وأصلي بالناس وأذهب للدراسة على الشيخ محمد بن نصر بزاوية شنيشح وقد درستُ عليه الأزهرية وابن عقيل وأقرب المسالك…ثم قال لي: أوائل من حفظ على يدي القرآن في جامع السور: د.عمر التومي الشيباني الشيخ عمر الرايس (قاضي بطرابلس) وامحمد سليمان ومحمود الغوج والصديق الكالوش وأخي الأستاذ يوسف بن ساسي، والصديق المنقوش ويوسف المغراوي وبشير الدنفور ..إلى سنة 1961 حيث عُينت موظفا بوزارة المعارف ..إلى 1967م وفي سنة:1967م درّستُ بالزروق من سنة: 1967م إلى سنة:1972م وبعدها انتقلتُ إماماً وخطيبا بجامع الشيخ امحمد ومدرسا للقرآن بزاوية البي….وقد تخرج عليه بزاوية البي عدد من الطلبة النجباء الذين ذكرتهم سابقا، وقد ظلَّ يُعطي من جهده ووقته إلى أن أقعده المرض.. أخبرني ابنُه جمال منذ فترة : أن للشيخ تسجيلا كاملا للقرآن الكريم وهذا أمرٌ مهم وعمل باهرٌ وجهدٌ كبير، يضاف لجهود الشيخ ..فهو باق بيننا بصوته وبالأجيال القرآنية المتعاقبة التي خلّفها من بعده ..فرح الشيخ بزيارتنا له وشكرنا على ذلك، ثمَّ ودّعنا بقصيدته المحبَّبة إليه (صلاةُ الكمال ..على باهي الجمال ..حبيبي محمد سني الخصال).. لقد فقدت مساجدُ مدينتك صوتَك النّدي، وتلاوتَك الرائعة، ومدائحَك الجميلة، وسردَك المرتَّل للسيرة النبويّة الشَّريفة.. رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته.

توفى في 9 فبراير 2019

مقالات ذات علاقة

رحلوا عنا في 2016

رامز رمضان النويصري

فِي ذّكرى رحيــل الصديــق الصحفي حمــد المسماري 

المشرف العام

ابن الأجدابي (1082- 1164م)

المشرف العام

اترك تعليق