المقالة

في مكتبتي

كلما وقفتُ أمام مكتبتي المتواضعة في شكلها.. الثرية في محتواها إلا وتذكرتُ شهيد الكتب ابو عمرو الجاحظ.. ذلك الذي كان غريباً في حياته.. موته تحت أنقاض مجلدات الكتب جعلت من موتته فريدة عجيبة.. يا لها من ميتة..
 
أحمد الله أن مكتبتي ليست لها القدرة أن تقتل صرصورا إذا انهارت ذات يوم لا قدر الله.. لكنها مكتبتي على كل حال يحق لي أن أفخر بها.. وقد كونتها بعرق جبيني جمعتُ محتوياتها كتاباً كتاباً.. قرأتها كلها سطراً سطراً..
 

الكاتب إبراهيم الإمام في مكتبته


داهمني ذات يوم من بين الأرفف المرصوصة كُتباً سؤال :
– أي من هذه الكتب تفضله على الآخرين؟.
ربما سمعت هذا السؤال من آخرين أيضا وقفوا أمام أرففها ذات يوم.. لكنه كان لا ينتظر إجابتي حتى يطلق عليّ سؤالاً تعجبياً..
 
هل قرأت كل هذه الكتب؟
ينظر طارح السؤال لي نظرته للإسكندر الأكبر.. فيعد قراءتي لتلك الكتب إنجازاً يوازي إنجازات الاسكندر الأكبر.. ربما لو علم اني قرأت أضعاف محتوى مكتبتي لعدني من معجزات الدنيا إلى جانب أهرمات مصر أو حدائق بابل المعلقة.
لم أعر السؤال قط أي اهتمام.. فأنا مؤمنٌ بالقول المجهول القائل: الكتاب المفضل عندي هو الذي لم اقرأه بعد.. وفي رواية أخرى لنفس القول المجهول أن الكتاب المفضل لم يكتب بعد.
سبب اهتمامي بهذا السؤال في هذه الآونة تكرار طرحه في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعنى بفن القراءة والكتب والمكتبات وما أكثرها !..
لكنه يطرح بصيغ مختلفة وبأساليب متباينة.. يطرحه بعض الأوغاد بطريقة عنيفة: عشرة كتب لابد أن تقرأها.
أقوم بتصفح القائمة لأكتشف أن القائمة المعدة ليس فيها كتاب واحد مما قرأته !.. ألوم نفسي واتهمها بالتقصير.. أدون العناوين العشرة لتكون من بين أولوياتي القادمة.
 
موقع آخر يطرح الفكرة بطريقة أقل حدة:
مائة كتابة أثرت في البشرية.
أسارع بلهفة لقراءة القائمة الطويلة.. أصاب بخيبة أمل كبيرة أكبر من خيبة نابليون في حملته على مصر والشام.. فليس من بين المائة كتاب المعروضة والمؤثرة في العالم كتاب واحد مما قرأت.. يا لكم من أوغاد..
إذا فقد ضاعت حياتي هباء منثورا.. يبدو أني بعيد كل البعد عن الاسكندر!.
 
أحياناً أخرى يطرح بشكل مغاير ورومانسي:
كتب فاتك الكثير إذا لم تقرأها.
طبعا بطبيعة أحاول ان لا يفوتني كل مهم.. اسارع لقراءة القائمة.. الجميل في معد هذه القائمة أنه لم يحدد عدد تلك الكتب وهذا من حسن حظي.. أبحث في القائمة بحماسة.. اتنهد تنهيدة ارتياح لوجود عنوان واحد من عناوينها كنتُ قد قرأته.. استرجع ثقتي بنفسي وبمكتبتي.. لم يعد مستحيلا مقارعتي للإسكندر الأكبر.
 
لاشك أن سبب وقوفي أمام أرفف مكتبتي اليوم ليس بحثاً عن كتاب بل لأضع بدوري قائمتي لأفضل عشرة كتب…
إنها فكرة لا بأس بها على كل حال.
ابتسمتُ بمكر فقد لاحت لي فكرة جنونية.. سوف يري اولئك الأوغاد من يكون الإسكندر!
ستكون قائمتي تعجيزية.. اولئك الاوغاد سيتجرعون من نفس الكأس.
سأختار قائمتي من الكتب التي لا تجذب القراء.. هذه أحسن طريقة لإحباط أولئك الاوغاد.
 
أخترتُ عدة عناوين من ونوعية: ليلة قتل شهرزاد.. ثعبان في كم هولاكو.. من أيقظ اصحاب الكهف.. فرعون وهامان وآخرون.. نجوم على كتف ضابط.. احلام في السماء كوابيس على الارض.
أعتقد أن كثيرين سيصابون بالإحباط مثلما أصبت أنا من قبل في أكثر من مرة.. ليس لعدم قراءتهم لهذه الكتب فحسب بل لعدم امكانية الحصول عليها..
من السهل إحباط الآخرين.. هكذا يفكر أصحاب تلك المواقع..
ولكن الأجمل إسعادهم.. هكذا يجب ان يكونوا تفكيرهم لتحفيز الآخرين على القراءة..
سنرى من يضحك أخيرا أيها الأوغاد.
 
ملاحظة // إذا وصلت إلى هنا عليك ان تنسى اولئك الاوغاد فرسالتي لك هي اقرأ واقر فقط ولا تهتم لما يختاره الآخرون.. فلكل قارئ تجربته.. ولكل كتاب رسالته.. ويمكنك تبين الغث من السمين بسهولة فقط اقرأ.
 
هل تريد قائمة أفضل عشرة كتب سيئة لا انصحك بقرائتها نيهههه نيهههههه.

مقالات ذات علاقة

مازلت أحمل لها بعضاً من الحب

قيس خالد

في متاهة المينوتورات

علي عبدالله

مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا (عراقة وأصالة)

المشرف العام

اترك تعليق