المقالة

عن العيد وعن “شمس على نوافذ مغلقة”

هكذا ذبحت ضحيتي اليوم كما هو واضح في الصورة..هكذا سلختها وهكذا استمتعت بها..ثم بعد ذلك تمنيت لكم يوم برئ وهادئ! هذا لا يعني أنني لا أكل اللحم..لكن بالفعل اليوم لم تتوافر لدي الرغبة في أكل أي نوع من اللحوم..خاصة الحمراء منها!.

ركض الخروف نحو حتفه وهو يصرخ – يا خالقي، أعتقدت أنني هاجرت لبلد جيد وها هم يركضون خلفي بسكاكينهم المشحوذة! أنا لا احمل جنسية هذا البلد..أهذه “مزرعة الحيوان” ام جنة أكلى لحوم اخوتهم؟ سمعت الكثير عن عنصريتهم تجاه “المازقري” لكنهم يا رباه لايزالون يركضون خلفي وفوضاهم غريبة ومزعجة وسكاكينهم يتقاطر “كفر” صانعها على جوانبها..سيقتلونني لا محالة..سينالون مني ما لا يعترفون بوجوده بداخلي..سيلعنونني ولكن بعد سقوط لحمي بين أسنانهم الناصعة البياض والمتناسقة سيضكحون وهم مستلقون على أفرشة ومؤخرات تستلذ النفاق..يا الهي دع النهاية تأتي قريباً..واذا ما فكرتك في خلقي وبعثي من جديد في هكذا حياة، أرجوك اخلقني ذرة رمل..زهرة لا يرونها..وردة لا تعني لهم شيئاً..موجة بحر يخافونها..حجر أسود يقدسونه ويقبلونه..فقيه يقدسونه بدون ارادة..نسمة هواء عليل يتمنونها لكنهم يطرودنها عند تُطلق السلام عليهم..يا خالقي لقد امسكوا بي..يا لبشاعة المذبح ويا لقسوة الذابح!

سامحوني لكنني لم اعد افهم لماذا وكيف. كيف ولماذا امة تقدم القرابين من البشر وليس من الخرفان لمذابح ثورات الأحلام المؤجلة ولمسالخ الفقه “المتشقلب” بما في ذلك حلم عودة الخلافة وللنعرات القبلية والفتن الطائفية والجهوية..كيف لهكذا أمة لاتزال تركض أغلبيتها وراء “ضحية” من الخرفان قد يشترونها من “دراكولات مص الفرحة” من أفواه الأطفال والفقراء والبسطاء بأموال ربما اقترضوها من مخادعين وربما من قتلة وربما لن يتمكنوا أبداً من تسديد ديون تكاليف شراء تلك الضحية. كيف لهكذا أمة تدّعي كل هذا النسك وهذا الخشوع وهذا الاحترام وهذا التدين لا تعرف الفرق بين الدين والتدين؟

هذه امة أدمنت ممارسة تقاليد عقيمة وصارت تستسيغ تقديم أبنائها كقرابين لآلهة او لرب نساهم منذ زمن بعيد.
رب نساهم منذ زمن بعيد لأنهم لم يتعلموا الدرس وأدمنوا ممارسة “الخطايا” تحت ظل نصوص آيات مقدسة لا يفقهون معانيها!

رب لم يعد يستمع لدعواتهم منذ سنين طويلة قتل فيها اجداد اجداد اجداد اجداد اجدائهم بعضهم البعض والسبب؟ كلمة..منبع ماء..ناقة..قصيدة هجاء او مدح..عنجهية وغطرسة قبيلة تعتقد أن الخالق عز وجل لم يخلق افضل منها.
الا ترون أنكم تقدمون أبنائكم واخوتكم واحفادكم وأزواجكم وزوجاتكم ومستقبلكم كوقود لطقوس ذبح الضحايا فوق صخور مذابح صارت تلعن الجهل المستوطن في حدة سكاكينكم وتشمئز من فقدانكم لسماع أصوات “الضحية البشرية” التي تصرخ بالقرب من الحرمين الشريفين وبالقرب من كل حرم وبيت مقدس في الرقة وفي تاورغاء وعدن ودرنه والموصل وقندهار و..و..و..؟

لم أنوي افساد ملذاتكم وتمتعكم بلحوم “الضحية” ولن أقدر على ذلك. لكم اتمنى كل خير..ومن ضمن ذلك الخير الذي أتمناه لكم هو أن تفكروا في السؤال التالي: هل الله العزيز القدير راضي عليكم؟

وهل أنتم بالفعل راضون عن تقديم ضحايا بشرية وضحايا من الخرفان؟

هل الدعاء وتقديم القرابين والتقليد الأعمى ستفتح ابواب السماء لدعوات سمعنا المليارات منها؟ ام أن بذل ما نقدر عليه من جهد ودفع ما نقدر عليه من مال لطفل فقير او لأرملة او لشيخ عجوز او لمعاق بغض النظر عن دينه وعرقه سيجعل الغني العزيز القدير ذو الاجلال والاكرام سعيداً بما فعلنا وينعكس بالتالي رضاء الأوحد الأحد على دنيانا في اشعاع رباني؟

تعودنا على تمني “عيد مبارك” لكل من نحب..تمنياتنا قد تكون مخلصة لكننا لا نملك الأدلة على أن تلك الدعوات والتمنيات “مباركة”! زمن الأنبياء خرج ولن يعد. لكننا سنعرف ما هو المبارك والغير مبارك عندما نفتح نوافذ بيوتنا لشمس الرب لتنير كل الأركان المظلمة في حياتنا.

تحياتي واحترامي للأخ خالد مطاوع Khaled Mattawa ولكل من شارك في فتح النوافذ المغلقة أمام الشمس في هذا البعد الكئيب..بُعد الأركان المظلمة الذي يُعجب به من يعتقدون أنهم أوصياء على الفكر والموروث الثقافي وأنهم ملائكة ولايزالوا يحاولون حشرنا في ذاك الركن المظلم تحت عذر “المحافظة على الثوابت وعلى الأخلاق وبقوة مقص الرقيب “كامل الأوصاف”!؟.

كتب من كتب عن رغبات جنسية وكيف هذا مد يده ليلمس تلك وكيف وصفت فتاة رغباتها الجنسية وبماذا حسّت ولماذا “اشتغلت” الغريزة الجنسية لذاك او لتلك وكيف وصف الراوي تضاريس جسد الفتاة الملتصق ببنطلونها..وكأن كل هذا الكلام وهذا الوصف وهذه اللغة وهذه الرغبات ليست موجودة سراً اوعلناً في البيوت والشوارع والمدارس وأماكن العمل. هناك منافقون بيننا قد يتسمرون أمام مشاهد الاباحة الجنسية في المهجر وأمام شاشات الفضائيات داخل ليبيا لكنهم يستشيطون غضباً وينتصرون “فجأة” لدينهم وللأعراف الاجتماعية عندما يكتب او يصف ليبي أو ليبية عن مسألة تتعلق بالجنس. كم منكم شرح ويشرح لأطفاله معنى ممارسة الجنس والعلاقة الجنسية بين الزوج والزوجة وكيف تحدث الممارسة الجنسية بين الذكر والأنثي ومن أين وكيف يأتي ويخلق الجنين في رحم الأم؟ هل يكفي أن نقول لهم: هذا حرام وهذا حلال؟ هل يكفي أن نقول لهم هذا عيب وهذا عادي عادي؟ المرآة التي تعكس الحقيقة في انتظاركم. والشمس تشرق كل يوم لكنها وللأسف لا تُنير كل الأركان المظلمة.

ولهذا، أتمنى وقت طيب وأعياد حقيقية للأطفال وللفقراء وللمعوزين وللمهجرين وللعجزة مع أحبائهم، مع المزيد من “شمس على نوافذ مغلقة” لمن يعتقدون علناً أنهم “كبار” لكنهم يتلصصون في السر على أجساد نسوة يخاطبونهن ب “يا أختي”!

السجن ليس ذاك المكان او الحيز الذي يلقي اليه السجّان بجسد السجين المنهك وراء القضبان..بل قد يكون “مزبلة” الوصاية الفكرية التي يمارسها من يحاولون احتكار الوصاية على عقول البشر بحجة أنهم أدرى بأخلاق وباِجماع الامة.

واِن فقأت أيها السجّان عيناي، ستشرق الشمس في قلبي.

مقالات ذات علاقة

تصفية الحساب مع وعينا الفلسفي السابق

محمد الترهوني

الأراضي المنخفضة.. قليل الجهد يعيش

سعاد سالم

Perché Giorgia؟

محمد قصيبات

اترك تعليق