من أعمال الخزافة ميسون عبدالحفيظ.
قصة

عطر

من أعمال الخزافة ميسون عبدالحفيظ.

أستيقظَ باكراً، زفرَ طويلاً، شهقَ، تسرب، أنثنى، تصاعدَ عالياً وأفلتَ من قارورتي، أفلتَ جامحاً، أمتدَ،  طافَ بالمكان، طافَ طويلاً، أنتشرَ، تبددَ أرتفعَ، دارَ حول أهداب ثوبي،  فاضَ، سكبَ شذاه، أوغل في التلاشي، هاجرَ إليك، ضلَ الطريق، عرج  ولم يصل بعد، ملأ الأودية،  تبدد وأنتشر بضراوة  ثم عاد ورسمَ على وجه الأفق أشكالاً غامضة…

نطقَ العطر شعراً، رتبَ أبيات قصيدته وعادَ غريباً حاملاً حدس وارتقاب، رتلَ أوجاعه، رتلها طويلاً، عطرٌ فاضَ، هبطَ، تقاطر، تماهىَ، تفردَ، عشقَ، تنبأ  وكتبَ…

ألقى قصائده على مسامع الريح، وفي أفواه الموج وألسنة النار وفي الطرقات، طارد العابرين، تاه خلف وردة، أغرته فراشة، تنزه كثيراً وراء ريشة ذات ألوان نادرة، أقتفى أثر ندى، صادق  شعاعاً مرتعشاً، ثم عاد، يائساً كان، منكسراً لاهثاً جافاً منطفئاً…

ألقى على مسامع قارورتي بقايا شذى كان ضائعا عالقاً بتلابيب نسمة عابرة، ثم لفظ أنفاسه، مات جافاً، مات جافاً باهتاً، لم يصل ولم يجد من يصغي إلي أنين شذاه.

مقالات ذات علاقة

ما لحسنها ثانٍ

المشرف العام

ديكـ تاتور

أبو إسحاق الغدامسي

إن شانئك هو الأبتر

مفيدة محمد جبران

اترك تعليق