تشكيل

عدنان معيتيق فنان عربي بجدارة الزمن نصير الصادقين

عبدالرازق عكاشه* – مصر

الارض تتعطر كل صباح بخطي العابرين الي قاعات العرض، ومكتبات العلم، تسأل الرمال الأرصفة وهي تدعو للباحثين عن المحبة عاشقي المعرفة، وتقول لهم سلاما سلاما يا أهل العلم، تسأل الطرقات الوعرة والضيقة عن نوع عطر الرجال والسيدات المصابرات في طريق الحلم والجهاد، ضد الجهل والوجع.

ما أجمل البشر اللذين يهبون أوقاتهم للحب والسلام. الاحتفاء بالآخرين المبدعين دون مصالح واهية، منهم “عدنان معتيق” نموذجا، فهو فنان وناقد عربي من ليبيا الشقيقة، هذا الفنان المحترم دون أن يدري أو عله لا يعرف أنه حرك بوصلة الأرض العربية في النقد، دون أن يرتب أو يحضر ويجهز لذلك، فمعظم النقاد من حولنا اتجهوا للكتابة عن فناني وفنانات الخليج وربما فقط، وكأن البوصلة لا تلف في الدائرة السليمة، أكثر من لفها في دائرة الريال والدينار، وحول بعض العصابات، بالتالي باتت مافيات الفنون العربية أو معظمها، تلف بوصلتهم من الخليج إلي تونس والمغرب فقط، بحثاً عن المال والتجارة بعيدا عن الابداع، حيث الراحة؛ الاستراحة الكاس.

وبعيدا عن الفن، لقد طرحت هذه العصابات اسماء فنانين، فنانات، ونقاد، لا يملكون من الإبداع شيئا غير تجارة الرق والعبودية، وقدموا لنا أسماء لا ناقة ولا جمل لهم في النقد، علي إنهم منظري العصر. وأصبحت قوة الفنان عندهم في الإصدارات العربية الفخمة، تبدأ من الفم (القبلة) والريال، وليس من العمل الابداعي.

نحن حقيقة فقراء بلا غطاء، ولو ذكرت أسماء أعطوا لهم جوائز وتحديدا جائزة الشارقة للنقد، والبياناليات العربية، أو منظمي مهرجانات تحت السلالم، فسوف أفتح معارك تبتعد بنا عن هدف المقال، وهو الفنان المبدع والناقد “عدنان معيتيق”، الذي غير وبدل تلك المفاهيم، هذا الناقد القارئ المبشر الذي وقف برقة قلمه وهو لا يدرى أنه سيف جبار يصحح المفاهيم ويدافع عن الفن الليبي أولا، والعربي ثانياً، يكتب منحازا للإبداع وليس للجنسية، بعيدا عن أجواء المافيات والمرضى، ووقف يكتب ويقدم التجارب العربية من المحيط إلي الخليج بصدق. وقدم لنا تجارب مهمه جدا إبداعيا، كما يقدم لنا يومياً أو أسبوعياً بخجل المتواضعين، تجاربه هو التشكيلية المهمة البارزة والرصينة، فهو فنان ذكي مطلع، متفتح جدا علي التجارب العالمية، متسامح ومتجاوز إنسانية الفنان، خطوطه تتشرب ثقافة، وأحباره تقرأ نصوصا وجدانية عميقة، حين يرسم تلك الوجوه المعبرة بطاقات تعبيرية قوية، أو حين ينتصر للخط ويختصر ما تبقي من وقاحات لونية مضافة بلا معني، سوا عن عدم فهم ممن يدعون أنهم فنانين.

“عدنان معتيق” يعرف الفرق بين الادعاء وبين الصدق، بين الجاد والعابر، “عدنان (الصادق) معيتيق” يعرف ماذا يعني همس اللون، وسن القلم حين يكرر إقامة علاقات شرعية مع الورق، كتبت عن أعماله الفنانة والشاعرة السورية المظلومة هي الأخرى “بسمة شيخو”، نصاً رائعا لا يكتبه إلا الصادقين عن بعضهم، وكتب عنه المميزين، وأكد هو نفسة “عدنان” عبر سنوات طويلة علي الفيس هذه المنصة التي حللت وكشفت الصادقين من المزيفين عبر سنوات من الصمود في وجه الرياح والمزيفين، الذين يطرحون أنفسهم علي أرصفة وهوامش الميديا، لكن أظن إنه الآن في زمن كورونا، بدأ العالم يكتشف كل الصادقين، وينزع الألحفة السوداء التي تغطت بها القلوب العارية من الرحمة والابداع، عبر سنوات ومنذ صنع الربيع العربي جسرا منصات لخروج طحالب كثيرة، وديدان قذرة عششت لفترات طويلة، لكنها لم تنقص حق المبدعين قدرا، بما قدموا من تزيف للحقائق السادة ركاب الثورات الشريفة.

“عدنان معيتيق” من هؤلاء الصادقين الصامدين، لم يتوقف ولم ينهزم، ظلت أحباره قوية، ترسم نقطة خلف الاخرى، وتكون أعمالا فنية مهمه ومميزة، فما أجمل أن تقرأ أعماله صباحا تتصفح نصوصه البصرية والمكتوبة مع عشاق عطرت قلوبهم المحبة ولونت صفاحتهم بالسلام، ما أجمل أن تري الاختصارات اللونية عند “عدنان” الفنان الذي غير بوصلة النقد، وجعل قلمه قيمة ضد الزيف والتزيف. تمثل تجربته البصرية في حد ذاتها إبداع جمالي يخرق حدود المعتاد علية لدي معظم الفنانين، وقراءته المهمة لأعمال الآخرين طهرت قلبه وتحول نقائه إلي حالة إبصار ووعي، فأضاف النقد له ثقافة لونية وبصرية جعلة سيدا من أسياد الاختصارات، والضغط علي الفرشاة لاختيار مكان الخط واللون الصحيح، ثابت يتحرك بوعي المثقف، وقلب العاشق الصادق، ليخلق عالمة المميز والكبير بنفسه.


* ناقد تشكيلي وفنان يقيم في فرنسا.

مقالات ذات علاقة

الفنان التشكيلي محمد عبية ذاكرة التراث الشعبي الليبي

عدنان بشير معيتيق

حدائق البهجة

ناصر سالم المقرحي

تجربة الفنان عبدالقادر بدر: قوارب متعانقة وبيوت متراصة

عدنان بشير معيتيق

اترك تعليق