السيد عبدالحميد البكوش - رحمه الله
شخصيات

عبدالحميد البكوش.. ومشروع شخصية الوطن (3) الاخيرة

(اْخشى ياوطنى اْن اْصبح كهلا فى الغربه
اْخشى ان تسرق من عمرى اْحلى الاْيام
تتمكن منى الاْلام
فيشيب الاسود من شعرى
ويجف الاخضر من شعرى
واْعود.. وقد نسى الناس كلامى
واندثرت اثار خيامى
وذبلت وحلت بى نكبه)
عبدالحميد البكوش

السيد عبدالحميد البكوش - رحمه الله
السيد عبدالحميد البكوش – رحمه الله

كان اليوم الحادى والعشرين من نوفمبر يمثل دائما عند الليبيين مناسبة وطنية مهمه. فيه صدر القرار رقم (289) من الامم المتحده الذى قضى بالاعتراف باستقلال ليبيا.. وها قد مرت الذكرى الثامنة عشره ليجدها البكوش فرصة مواتيه لربط الماضى بالحاضر وتعزيز الانتماء. كان يعرف انه يعنى شيئا رائعا فى التاريخ الليبى المعاصر.. تحدث بصراحه عبر الاذاعه وحاول ان يمسك بالخيوط وتفاصيلها بهدوء وركز على معانى التضحيات والاستقلال. لم يكن قد اكمل شهرا فى توليه منصب الحكومه.. احتفظ بوزارة العدل وباغلب زملائه الوزراء السابقين فى حكومة سلفه السيد البدرى فيما اختار احمد الصالحين الهونى لاول مره وزيرا للعلام والثقافه وحسين الغناى وزيرا لشؤون الخدمه المدنيه وعبدالكريم لياس وزيرا للزراعه وفتحى جعوده وزيرا للاشغال وطارق البارونى وزيرا للصناعه وبشير السنى المنتصر وزيرا لشؤون الرئاسه ثم اجرى تعديله الوحيد على الحكومه فى مطلع يناير 1968 حيث صار السيد شمس الدين عرابى وزيرا للشؤون الخارجيه واحمد يونس نجم وزيرا للاقتصاد والتجاره ومعتوق ادم وزيرا للسياحه وعلى عتيقه وزيرا للتنميه والتخطيط وانور ساسى وزيرا للاسكان.. تشكيلة من الشباب مع مجموعة من الشيوخ يقودهم البكوش ويسابقون الزمن معا لبناء ليبيا.
التقط احمد الصالحين ملامح المشروع وجند كل امكانيات وزارة الاعلام والثقافه لخدمة اهداف خطة البكوش وكان من اول قراراته استبدال اسماء الصحف الحكوميه.. فصارت برقه الجديده (الامه) وطرابلس الغرب (العلم)وفزان (البلاد). وتم التركيز على ان الدعوة الى الشخصية الليبيه واحياؤها لا تعنى التعصب او العزله ولا الانغلاق ولا استهداف فكر مغاير كما شوهت وصورت باْْنها كلمة حق يراد بها باطل!!
كانت باختصار فى الخطاب الحكومى وكذا الاعلامى خطوة لانتماء.. واعتزازا بوطن.. ومعالم لطريق يسير فيه الليبيون نحو المستقبل تكاملا مع العالم الذى يعيشونه. كانت تعنى ببساطه (مزيد من المحليه.. مزيد من العالميه) وقد شعر البعض باْنها موجهة للفكر القومى والخطاب الناصرى ولكنها لم تكن كذلك وان تقاطعت معه فى بعض الدروب وظل لمصر الجارة الكبرى الاحترام والتقدير فى كل شىْ.. فدورها ايام هجرة الليبيين زمن الاحتلال الايطالى لاينسى ووقفتها فى تزويد البلاد بالخبرات التربويه والعلميه وبناء الجامعه الليبيه وغير ذلك لاينكر.. و(عليك يامصر بعد الله نعتمد).. كما صاح رفيق شاعر الوطن!!
تناول المشروع مثقفون واعون شعروا بحجم المسؤوليه وحجم الفراغ وحجم جهل الجيل بتاريخه وهويته واستلابه من الخارج بالعاطفه والحماس. كان الوطن يلهث تلك الايام كما اسلفت سابقا وراء الشعارات فقط. برز هنا واستمر رشاد الهونى فى مقالته الاسبوعيه الشهيره (من يوم ليوم) عبر صحيفة الحقيقه واستفاض فى التحسيس باْهمية احياء شخصية الوطن بوعى ومن دون مديح او تزلف للمشروع وصاحبه وكان قد لامس الموضوع فى الاساس فى مقالات سابقه خلال يوليو 1967 عن ردود افعال الاخرين من الخارج وجهلهم بنا وبظروفنا وبتاْمرهم علينا دون ما سبب واستهداف الشباب الليبى وجذبهم الى تيارات وانتماءات لم يكن الوطن فى حاجة اليها.
وقدم ابوالقاسم بن دادو فى برنامجه الشهير (ندوة الاذاعه) حوارات ولقاءات ونقاشات ممتازه عن الشخصيه الليبيه ومشروعها الكبير وكان من ضيوفه على مدى حلقات.. عبدالمولى دغمان ومحمد حمى ورشاد الهونى واحمد يوسف بورحيل والصادق النيهوم وعمر التومى الشيبانى وعلى عميش لتقريب الفكره للناس دون انغلاق واتفق الجميع على اهمية مايطرح والاحتياج الشديد اليه فى تلك الظروف وكان ثمة اختلاف فى الراْى من قبل على عميش الذى احس وقتذاك باْن الطرح دعوة مباشره ضد التيار العروبى. منتهى الحريه فى تلاقح الافكار وتضادها عبر اذاعة الدوله وعلى مسمع الجميع.

واتجه البكوش ايضا الى الجامعه الليبيه. التقى الطلبه والاساتذه فى لقاء مفتوح ومباشر لاول مره فى مدرج رفيق اوائل مارس 1968. لقاء طويل دام اكثر من مائة وخمسين دقيقه واجاب عن اسئلة محرجه وقال فى حديث بكل صراحه لم يذع ولم ينشر بكامله حتى الان.. كان يتحدث بالعاميه (ماتتصوروش بالفعل بدون اى مجامله شنو شعور الفخر اللى يملؤنى الان وانا بينكم ففى يوم من الايام كانت اعداد الطلبه محدوده جدا وكانت فرص التعليم مقفله. كانت بلادنا تحتاج الى المدارس الثانويه. كنا ندفع نفقات التعليم. كنا نعانى من المشاكل. كان مستوى الحياه منخفض الى اقصى حد. كنا نجوع فى بعض الاحيان بدون مبالغه والان والحمدلله وطن يزدهر وثروات تتراكم ودخل يزيد. ولقد اردت ان اذكركم باْن الجهود اللى بذلت والارواح اللى ضاعت اْلا من قيمتها ومسؤوليتنا اليوم كجيل جديد هو ان نحمل الامانه. . ان لانضيع مستقبل هذا الوطن.. لايهم مايحدث. المهم ان تستمر حياة هذا الشعب. . يستمر نظامه. . ويستمر امنه).

ويدخل فى الموضوع مباشره.. (وبالطبع احنا نبداْ من البدايه.. نبداْ من الايمان بالوطن.. من الايمان بالشخصيه الليبيه بالذات. ولقد قلت منذ لحظات اننا لانعنى نظريه جديده. نحن نعنى اكتشاف جذور الشخصيه الليبيه التاريخيه العميقه نعنى احياء ايمان الليبى بنفسه وبوطنه. وبالطبع هذا الكلام لايعنى اى معنى عدائى لاى شعب اخر. كما لايحمل اى معنى عدائى لاى فكره. المفروض اننا قبل ان نكون اى شى اخر يجب ان نكون ليبيين فخورين باْنفسنا. فخورين باْن احنا ليبيين. لدينا تراث. ولدينا تاريخ. لدينا تراث ولدينا طموح. كل شعب له طموح. لكن احنا بكل اسف نغمر طموحنا وامالنا بطموح وامال الاخرين. احنا لانعادى احد ولانحمل اى روح عدائيه لاى شى ولاى فكره لكن لانستطيع ان نكون اعضاء عاملين فى اسره عربيه او اسلاميه مالم نكن نحن انفسنا احياء. احنا لانريد ان نذوب فى احد. احنا اذا قررنا نتعاون. . نتعاون. لكن احنا ليبيين لانستطيع ان نقرر اى شى مالم نكن ناضجين ومالم نكن مدركين لواقعنا ومالم نكن متمسكين بشخصيتنا. احنا مانكونش منتمين لاى شى الا لوطننا. الوطن اولا. وهنا البدايه.. وبعد ذلك تاْتى بقية القرارات).
وايضا قال بالفم المليان.. (احنا عشنا رعاة. سنين طويله نمشى وراء الغنم. الان نريد ان نقفز الى مستوى الحياه العصريه. الى عالم الذره والى مستوى الحياه التكنيكيه والعلميه الموجوده فى العالم الان. احنا نريد ان نلحق بالركب ولذلك ستروا ان فى برامجنا التعليميه فى المستقبل سنركز على اللغات الاجنبيه الى اقصى حد ممكن. لان اللغه الاجنبيه نافذه تفتح ذهن الانسان على العالم المتقدم. احنا مانقعدوش ننتظروا ثمرة تفكير العالم اللى فاتنا وثمرة جهده تصلنا عن طريق الترجمات من مكان او اخر. احنا يجب ان ننفتح على اوروبا من الناحيه الفكريه انفتاح كامل. المفروض ان كثير من المواد لاتدرس الا باللغه الاجنبيه..).
وفوق مقاعد المدرج حدث تململ وضيق لدى البعض من الاساتذه والطلبه وانهالت الاسئله ولم يظل البكوش صامتا.. اعاد وشرح واكد. وبعدها ظلت اصداء الحديث عالقة بالاذهان فى المساء بالقسم الداخلى وفى اليوم التالى عبر حديقة الكليه مع شمس مارس وتطواف بنات الجامعه وشاى المقهى. قال البكوش مايريد ومضى.. مضى فى جولاته فى بنغازى.. زار صحيفة الحقيقه وكان رشاد وكان المحررون والكتاب وكان نقاش وحوار ولم ينته. ثم زار كلية ضباط البوليس والكليه العسكريه الملكيه وتحدث الى الطلبه وكان يحلم بشخصية الوطن بلا انقطاع.

وفى ذهن البكوش تختمر معالم الطريق.. يواصل.. لم يترك مناسبه الا واشار ووضح. اقترح على الملك اللقاء بالمواطنين بالمحافظات وزيارتهم.. وتحقق ذلك فى غريان وبنغازى والبيضاء ودرنه. وتقرر تدريس اللغتين الانجليزيه والفرنسيه والاستفاده منهما بدء من المرحله الابتدائيه. وتقديرا للعلم الوطنى وتوقيره صدرت التعليمات بتحيته صباح كل يوم فى المدارس ورفعه فوق المؤسسات والمرافق ثم انزاله فى المساء. خطوة مهمه اخرى انجزت. تنفيذ معسكرات العمل التطوعى للشباب والفتيات فى مختلف المناطق.. افتتحها الوزراء واشرفوا عليها وشارك الشباب فى اعمال تطوعيه.. تشييد الطرق وخدمة المجتمع وزيارات الاماكن والتعرف على الوطن وتاريخه. ويفتتح البكوش اول معرض للكتاب الليبى فى طرابلس ومعرض الرسوم الساخره للفنان محمد الزواوى واول مؤتمر للادباء اللبيين ويفتتح بعد فترة وجيزة من استقالته. كان قد اعد له وخطط وقدمت فيه البحوث والدراسات والتقى الكتاب وتعارفوا وبرز جانب سلبى ايضا لمحاربة الفكره وخطوات البكوش.. تقرير بائس قدمه احد المثقفين الى المباحث. . ذكر فيه (انه لو اتيحت الفرصه للسيد عبدالحميد البكوش كرئيس للوزراء فى حضور هذا المؤتمر وافتتاحه لشهدت البلاد اكبر مظاهره فكريه ظاهرها الرحمه وباطنها البلبله الفكريه وزرع الشكوك والظنون حول شخصيتنا الليبيه المسلمه العربيه الاساس فيما يتمتع به اليوم مجتمعنا الاسلامى من قيم عليا وحكم وطنى ديمقراطى وقيادة ساميه حكيمه لانظير لها فى عالم اليوم)!!
ثم يضرب ضربته.. (وفى اثناء انعقاد هذا المؤتمر حاولت بعض العناصر الحركيه وذوى الميول المتطرفه والمبادىْ الحزبيه عرفت من بينهم كل من.. كامل المقهور – كامل عراب – ابوبكر تنتوش – امين مازن – مفتاح امبارك الشريف – على الفزانى – على وريث – الشارف الترهونى – على صدقى عبدالقادر – هاشم الشريف – الصادق النيهوم – حسن على خشيم – محمود الهتكى – عبداللطيف شاهين – خالد زغبيه.. حاولت تمييع المؤتمر الا انها فشلت فى تنفيذ ماْربها نتيجة تصدى بعض العناصر الوطنيه لها وذلك عندما ارادت العمل على الغاء الدين والاخلاق والرقابه والعرف وجميع القيم وجعل الكاتب والاديب حرا بدون قيود ينتج ويقول ويكتب مايشاء..) نموذج من نماذج رجال كل وقت.. البصاصون والقوادون وسماسرة المواسم.

وفى جانب اخر. يهتم عبدالمولى دغمان مدير الجامعه الليبيه باقامة مؤتمر ليبيا عبر العصور فى مارس 1968. كان مؤتمرا فخما حضره الباحثون والمختصون فى التاريخ وتناولوا ليبيا فى مختلف فتراتها وبذل سكرتير المؤتمر د. فوزى فهيم جادالله استاذ التاريخ بكلية الاداب مسؤولية التنسيق والمتابعه. ونجح المؤتمر الذى شهدته قاعة البرلمان القديم فى بنغازى الذى صار مقرا لادارة الجامعه. واهتمت الجامعه بالدراسات الليبيه والمسوح الاجتماعيه وموضوعات التراث الشعبى ومادة المجتمع الليبى ومجلة قورينا وشرعت فى بناء المدينة الجامعيه الجديده وذهل امام كل ذلك وزير التعليم العالى فى مصر الذى قال للاستاذ عبدالمولى.. (انتوا رايحين فين بس..) وافتخر بدوره الاستاذ دغمان امام مؤتمر الجامعات العربيه الذى اقيم بالاسكندريه بالحريه العلميه فى الجامعه واكد باْن كل المطاريد من الجامعات العربيه موجودن الان فى الجامعه الليبيه!!
وازداد الاعلام قوة وتخطيطا.. صار البث الاذاعى على مدار اليوم وغطى ليبيا كلها والدول المجاوره وافتتح التلفزيون الليبى فى ديسمبر 1968 واهتمت الوزاره بطبع النتاج الليبى واقامة المسابقات الثقافيه والنشاط المتكامل فى الانديه واصدرت مخطوطات الامام السنوسى فى مجلد واحد واقيمت مهرجانات الفنون والمسرح فى صبراته وشحات واهتمت بالادب الشعبى فى الاذاعه وشكلت له لجانا وتطور فن المالوف وظهرت الحان ليالى ليبيا من قبل حسن عريبى. . وكلها استندت فى الدعوة الى احياء شخصية الوطن وابرازها وتقديمها بلا رتابه. محاولات ومحاولات تنهض وتتعثر لكنها تتوخى الصدق والعطاء وحسن النيه. وكتب عبدالحميد البكوش شعره باسم ابو وليد وغنت له نازك وكذا لراشد الزبير ورشاد الهونى وعبدربه الغناى وخالد زغبيه ونشر بعض المقالات بهذا الاسم فى الحقيقه وكذا احمد الصالحين باسم ابو يوسف فى الصحيفة ذاتها. واهتم الهادى بولقمه بالدراسات الليبيه وقدم على فهمى خشيم قراءات الليبيه فى الاذاعه وافتتحت الوزاره المزيد من المراكز الثقافيه فى الاماكن البعيده. مشروع بداْ يظهر شيئا فشيئا ووصل احمد الصالحين الهونى الى فكرة انشاء قاعة المدينه فى طرابلس وبنغازى واعدت التصاميم. . صالات ومرسم وقاعات محاضرات ومسرح ومكتبه وسر بذلك الملك وطلب معاينة الخرائط وشجع تنفيذها ثم ضربها الانقلاب وتوقف هذا الحلم الثقافى الكبير.

مشروع كاد يتحقق غير انه شوه ثم توقف وطمس بحدوث الانقلاب. وصارت الدعوه الى الشحصيه الليبيه تهمه شنيعه وحقق فيها مع البكوش واحمد الصالحين ورشاد وغيرهم. وحدث ما حدث. تاْخرت ليبيا الى الخلف وتنوسى اسمها. ارتبطت بشخص فقط كان مجرد ملازم فى احدى الثكنات. صارت ليبيا الجماهيريه. وبنغازى البيان الاول وسبها الشراره وزواره النقاط الخمس وطلميثه الدرسيه وتوكره العقوريه. وطمس التاريخ وتغيرت المناهج واستلب الشباب ثانية واصيب الوطن فى مقتل. البراعم والشحن العقائدى والاحقاد والفكر الاخضر والاعدامات وممنوع اسم ليبيا وازالة الشواهد والمعالم التاريخيه. . الزوايا والمساجد والمدارس.. وكل شىْ. تفرق دم ليبيا بين الموتورين والمندفعين والقتله واصبحت ليبيا فى خبر كان وعنوانا للاستهزاء والسخريه فى كل مكان من العالم. ارتبطت بالارهاب والدم والتصفيات. ذابت شخصية الوطن وتلاشت. لم يعد ثمة انتماء. امميه افريقيه عالميه. . مثابات اموال مهازل. . هكذا صارت ليبيا. صارت مسخا بلا هويه وبلا تاريخ وضاعت معالم الطريق وضاعت الاجيال وظهر خطاب اخر وارتفع. . خطاب قوامه الانتقام والوعيد والشنق.
كان البكوش يعرف ان ذلك قادم من بعيد. . عين سفيرا فى فرنسا. قبيل الانقلاب كان فى ليبيا واحس بالفراغ الموحش الذى ينتاب البلاد وعرف ان ثمة مايرعب قادم من المجهول. وقع فى يده منشور (ابليس ولا ادريس).. مر بتركيا حيث كان الملك هناك وسلم النسخه الى احد المرافقين.. ثم انتهت المساْله. سجن البكوش مع غيره من المسؤوليين واْهين. ثم خرج.. واقام فى مصر ولم يتوقف عن النضال. . نشر شعره ومقالاته فى الحياة والعربى وحدثت محاوله مضحكه لاغتياله ثم اقام فى ابوظبى وهرب الى الشعر.. ظلت القصيده هى هواه وعشقه وكانت القصيده الكبرى هى ليبياه التى يحلم بشخصيتها وكيانها الذى ذاب وتلاشى.

والان بعد 7 سنوات من رحيل البكوش وبعد مايقارب من نصف قرن على احياء الدعوه لشخصية الوطن.. ما الذى حدث؟ المزيد من الاستلاب والتغريب. صوت السلاح والفكر الغريب ومزيدا من الحقد.. ومسخ الهويه. شباب عقله فى الخارج.. فى قضايا لاتهمه ولاتمت الى وطنه بصله. لايعرف شيئا عن وطنه. جيل يتنكر لتاريخه ويلعن كل الرموز كل تجربه وطنيه ولايستفيد من ايجابياتها ويسير فى الظلام. لا احد يهتم. لا احد يبادر. لايوجد اى مشروع او منهج وطنى من اجل الاهتمام بالشخصيه الوطنيه ورعايتها. لاتوجد ثمة رؤيه. الارجل فى الداخل والعقول فى الخارج تستهويها التيارات والدعاوى الغريبه.
ويتفرق دم ليبيا فى كل الجهات. وتضيع معالم الطريق. ويلتقطنا السماسره والمغامرون والقراصنه وقطاع الطرق.. وتتفرج علينا فى شماته اللعبة الدوليه. من تضيع شخصيته.. سيضيع.

مقالات ذات علاقة

وهبي البوري.. دبلوماسيّ زادُه الخيالُ

لينا العماري

الذكرى الـ30 لوفاة صاحب كتاب: الفن والمسرح في ليبيا

رامز رمضان النويصري

القلم الساحر ، ومبدع الكلمة

المشرف العام

اترك تعليق