احتفالية الجمعية الليبية للآداب والفنون باليوم العالمي للشعر.
متابعات

طرابلس والشعر معنيان لقصيدة واحدة 2-2

في ذات السياق واستكمالا للخطة الموضوعة التأم شمل المثقفين من جديد في الفترة المسائية بذات المكان –دار الفنون– حيثُ انطلقت أعمال الندوة المصغرة التي خُصصت لتناول تجربة الشاعر الراحل علي صدقي عبدالقادر.

احتفالية الجمعية الليبية للآداب والفنون باليوم العالمي للشعر.
احتفالية الجمعية الليبية للآداب والفنون باليوم العالمي للشعر.
ندوة علي صدقي عبدالقادر شاعر الوردة.
تصوير: لؤي بوهروس.

أفتتح الكاتب حسين المزداوي المنشط بكلمة قصيرة عرّجَ فيها على شيء من سيرة الراحل قبل أن يتحول الأستاذ ابراهيم حميدان إلى المنبر ليقرأ كلمة الجمعية الليبية للآداب والفنون بمناسبة اليوم العالمي للشعر التي اعدها مشكورا الأستاذ أمين مازن بمناسبة اليوم العالمي للشعر , وفيها ذكّرَ الكاتب بأهمية الشعر والتواصل ما بين الاجيال والدور الذي لعبه الشعر على الدوام في مناصرة قضايا الوطن والإنسان والأنتصار لقيم الخير والمحبة والحرية والجمال والتسامح.

الورقة الأولى بعنوان ” الشاعر الطفل الذي يشرع الباب ” كتبتها الشاعرة والباحثة حواء القمودي وفيها حشدت بأسلوبها الذي تماهى مع الشعر وغلبت عليه الشفافية والعذوبة الكثير من التحليلات لشعره ولمواقفه الوطنية والنضالية وتطرقت إلى علي صدقي عبدالقادر الإنسان الذي كان امتدادا لشعره بشكل من الأشكال أو كان شعره الإنسانيّ امتدادا له , لا فرق فكلاهما يُكمل الآخر حيث الحب والخير والجمال والانحياز للحياة أمور لا يخلو منها شعره , كما لا تخلو منها شخصيته كل الوقت , إذ لطالما ردد الشاعر جُمله الأشهر والأثيرة على قلبه “يحيا الحب” و “يعيش الشعر” أو “سنلتقي بعد مليون سنة”.

الباحثة تحدثت باستفاضة وبرصانة عن ريادته لقصيدة النثر في ليبيا وعن خروجه عن السائد في الشعر مبكرا في هذه الأرض ولم تنسى أن تتحدث عن المشهدية التي حفلت بها قصائده وعن كتابته عن الجسد ” وتحديدا جسد الأم وحضورها الطاغي والفاتن ” وهي ملامح لم تكن واضحة في الشعر الليبي حتى ذلك الوقت وخلصت إلى أن بصمته واضحة وأكيدة في تطور الشعر الليبي وبين هذا وذاك من التحليلات قرأت الباحثة ما تيسر من شعر الراحل واستحضرت ما يؤيد أحكامها الي خلصت إليها , غير أنها في كل ما استعرضت قامت برصد أهم ملامح التجربة الناجزة والمكتملة التي انحازت لمشروع الحداثة واعتبرت في ورقتها التي اختصرتها امتثالا لضرورات ضيق الوقت أن الشاعر الراحل بأشعاره الغزيرة وبقفزاته الشعرية المحسوبة بل بمغامراته الغير مسبوقة , أعتبرته الشاعر الذي شرع الباب ليدخل كل من جاء بعده من الشعراء الليبيين إلى براح الحداثة والتغيير .

الشاعر رامز النويصري من جهته في دراسته التي اعدها تحدث عن بناء القصيدة لدى الشاعر وأحال إلى النسق الشكلي الذي كتب وفقا له وبيّنَ أهم ملامح لغة الشعر وتركيباته ودلالاته , وبكلمته المختزلة والمليئة بالمقاربات النقدية الرصينة رصد الباحث تحولات علي صدقي عبدالقادر الشعرية وانتقاله السلس والواعي إلى ما عُرِفَ لا حقا بقصيدة النثر وأساليبه التي اعتمدها في ذلك .

وكعادته مدير الندوة الأستاذ حسين المزداوي كان يستغل الفواصل ما بين الورقات النقدية ليسرب بعضا من أرائه حول الشاعر الذي شغل الناس بشعره وبإنسانيته و استحضار ما يعرفه عنه من حقائق حيثُ أشار إلى مجلة شعر اللبنانية حاملة لواء قصيدة النثر في بداياتها ستينيات القرن الماضي مع مؤسسيها يوسف الخال وأدونيس وشوقي أبو شقرا وغيرهم أشار إلى هذه المجلة فقط ليخبرنا بأن علي صدقي عبدالقادر هو الشاعر الليبي الوحيد الذي نشر فيها أشعاره .

الشاعر خالد درويش صاحب الورقة الثالثة والذي يمتلك ارشيفا مهما عن الشاعر , صوره وقصائده المكتوبة بخطه والمقالات التي كتبت حول شعره واستعرض علينا بعضا منها وكان يأمل أن يتم عرضها بجهاز العرض المرئي سوى أن الظروف لم تسمح بذلك , خالد درويش الذي يعد كتابا موضوعه الشاعر علي صدقي قرأ ورقة قال أنها جزء من الكتاب تحدث فيها عن علاقته المباشرة بالشاعر , تحدث عن طيبته وابتسامته وتواضعه وتواصله السلس مع المحيطين به والمعجبين بشعره , تحدث عن تلبيته للدعوات التي توجه له لحضور المناسبات الثقافية المتنوعة دون استثناء ودون تمييز , خالد درويش الذي رافق الشاعر في عدة رحلات داخل ليبيا وخارجها حكى عن حضوره الذي يبث البهجة في المكان واسترجع بعضا من الذكريات الجميلة بهذا النص الحميمي الذي حمل من الحب الشيء الكثير للشاعر ورسم للشاعر ما يشبه البورتريه الشخصي المتكامل , الشاعر الإنسان الذي كان نسيج وحده كما يقول الباحث .

احتفالية الجمعية الليبية للآداب والفنون باليوم العالمي للشعر.
احتفالية الجمعية الليبية للآداب والفنون باليوم العالمي للشعر.
تصوير: لؤي بوهروس.

الكاتب امين مازن من مقعده مع جمهور الحاضرين تدخل بعد انتهاء الباحث من قراءة ورقته ببعض الملاحظات التي تخص مسألة ريادة الشعر الحديث في ليبيا وفض ذلك الألتباس ما بين نسبتها لعلي صدقي أو لعلي الرقيعي .

الورقة الاخيرة في الندوة قُدمت من الدكتورة فريدة المصري وأعطتها عنوان ” الكلمة والشعر في قصائد علي صدقي عبدالقادر ” ومن خلالها وقفت على أهم دلالات أشعار وكلمات الشاعر الراحل , وفيما استثمر الشاعر قوة الكلمة التي كان يؤمن بها وسخرها لمواجهة الواقع الغير عادل ولمجابهة المستعمر وكافح بها كل أشكال القمع ونادي بها إلى الحب , وفي سبيل تقريب فكرتها حول الكلمة لدى الشاعر ألقت الباحثة حزمة من الأشعار التي تعود له قبل أن تنوه إلى رسالة ماجستير عن شعر علي صدقي عبدالقادر ستتم مناقشتها الأيام القادمة بجامعة طرابلس تحت إشرافها .

وعند فتح باب النقاش والحوار أدلى بعض الحاضرين بملاحظاتهم وارائهم القيمة وعند نقطة معينة تحول النقاش من جلسة رسمية إلى حديث تغلب عليه العفوية , خاصة مع الحكايات والمواقف التي سردها الأستاذ ابراهيم حميدان وكان الشاعر الراحل علي صدقي عبدالقادر طرفاً فيها.

مقالات ذات علاقة

الشاعرة حنان محفوظ تحيي الأمسية الثلاثين لمنتدى السعداوي

المشرف العام

إضاءات حول طابور المعيّة ودوره الجهادي

مهند سليمان

الهوية الليبية بين السذاجة والوهم

ناصر سالم المقرحي

اترك تعليق