طيوب النص

صديقتي

من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

كنا سويا نذهب إلى المدرسة معا ونرجع معا، وتمضي السنون ونحن لازلنا رفيقتين، نضحك سويا إن قصرنا في دراستنا، نخاف سويا من العقاب. لحظات بريئة كنا نعيشها بكامل التفاصيل، وفجأة تختفي كل منا عن الأخرى، لتبدأ حياة أخرى لكلينا وليست حياة المدرسة والكتب ودفاتر الذكريات وما نبوح فيها عن كل شيء ونخبئها بين دفاترنا لتبقى في سرية تامة.

اليوم نلتق على صفحات التواصل الاجتماعي، وكأن كل واحدة منا غريبة عن الأخرى بعد تشاركنا في اللقمة ووجبات الإفطار وتبادلنا الملابس والحقائب والدفاتر والقصص الجميلة.

اليوم هي جادة نوعا ما، تبدو وكأنها قائدة جيش يخاف الكل منها وتصرخ في وجه أبنائها إن ازعجوها، وعندما نلتق في مناسبة ما، أو في السوق تبدو لي متحفظة جدا وتلقي التحية وتذهب مسرعة لكيلا أسأل أكثر عن تفاصيل حياتها، تحاول الا تبوح بها لأحد واتبع مرورها من أمامي مسرعة والحزن يخيم بداخلي. وأقول بيني وبين نفسي: ألم تكن صديقتي وأقرب الي من نفسي؟

حسنا على كل حال لست بأفضل حال منها، أنا الآن، أنا أيضا يبدو لي بأن الظروف غيرتني وأحسست بعمري، وكأن قطار عمري مر بسرعة الصاروخ وتوقف فجأة ورمى ببقية هذا العمر في انتظار أوامر الآخرين، فلم تعد الحياة ملكنا.

إيه يا صديقتي؛ لا ألومك عرفت بأن تلك اللحظات البريئة الصادقة هي لعمر معين فقط، ومن ثم تبدأ مراحل أخرى يعيشها آخرون على حسابنا.

صديقتي قد نلتق وتلتق أعيننا، فأرجو منك أن تمنحيني فرصة أن أقول لك بعض العبارات بدموع تنساب بألم من خلف تلك النظرات.

مقالات ذات علاقة

شكرا لكم!!!

فتحي محمد مسعود

الكنيسة في العراق

عزالدين عناية (تونس)

عَنِ الأَفْكَارِ وَالقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ.. (1/3)

جمعة الفاخري

اترك تعليق