طيوب النص

سفنزة صغيرة


كنت طفلة. عمري أقل من عشرة سنوات. يوم الجمعة أفيق باكرا. أهبط سلّم سريري العلوي على أطراف أصابعي أنزل. أول شيء ألمحه، عندما أخطو أولى خطواتي خارج الغرفة، بصيص سيجارة أبي وفنجان قهوته.

أنزل درج العمارة وأنا أقفز. أخرج من مبنى العمارة وأنا أقفز وأغني، إلى أن أصل مبنى وزارة التربية والتعليم. شرطي ببدلته الأنيقة، وصفارةٌ تتدلى من رقبته، يقف أمام المبنى المطل على شارع رئيسي مزدوج. “شارع الجمهورية”. عندما يراني الشرطي الأنيق، بابتسامته يحييني. يقف وسط الشارع، على الخط الفاصل بين الاتجاهين، فارداً ذراعيه بشكل مستقيم.

السيارات تتوقف. أعبر الشارع وأنا أقفز فرحانة. أصل السنفاز. “سنفاز المنصورة” أول واحدة. ككل مرة، عندما ينتهي السنفاز من قلي عشر سفنزات، يقلي سفنزة أخرى، صغيرة الحجم. يضعها فوقها. وهو يلف الورق على السفنز، يقول لي:
– هذه السفنزة الصغيرة هدية مني ليك، على خاطر انت بنية ناشطة.

أحلى سفنزة كانت السفنزة الصغيرة. كل إخوتي يحاولون الحصول عليها، وإقناعي بأن أبادلها بواحدة كبيرة.

ذاك اليوم، طلبت من عمّي السنفاز أن يلف السفنزة الصغيرة في ورقة منفصلة. وأنا راجعة إلى البيت، كنت أقفز وأغني. عندما رأني الشرطي، وقف وسط الشارع. توقفت السيارات. عبرت الشارع وأنا أقفز فرحانة. اقتربت من الشرطي الأنيق. أعطيته أحلى وألذ سفنزة. السفنزة الصغيرة.
رجعت إلى بيتنا أقفز فرحانة…

مقالات ذات علاقة

لستُ أنـا

عبدالسلام سنان

أقلام ضجرة…

مريم الشكيلية (سلطنة عمان)

الكينونة

مفيدة محمد جبران

2 تعليقات

السحاتي 25 مايو, 2020 at 08:39

من القصص الرائعة الجميلة التي ترجعنا الى الزمن الجميل والتي تؤكد عبارة عندما كنا صغار وقتها كنا نعيش

رد
المشرف العام 25 مايو, 2020 at 09:10

نشكر مروك الكريم

رد

اترك تعليق