الشاعر سراج الدين الورفلي.
حوارات

سراج الدين الورفلي: نحن في مرحلة حرجة لأننا خائفون، وطالما نحن نشعر بالخوف فالحرب لن تتوقف، علينا أن نمتلك الجرأة لكي لا نقول كلمتنا الأخيرة

الحرب جيدة للشعر

لا أؤمن بالأسماء بقدر ما اؤمن بالنص

علاقتي مع الشعر سيئة ومتوترة في أغلب الوقت

الشاعر سراج الدين الورفلي.
الشاعر سراج الدين الورفلي.

 

في لقائي الأول به، وجدته شاباً هادئاً يخفي توتراً وشغفاً بالآداب والفنون، أو هذا ما لمسته من حديثه، وصمته أثناء الاستماع إلي من يحادثه.

وقبل هذا اللقاء، كنت قد قرأت نصوصه الشعرية، والتي تعكس ثقافة ورؤية واسعة، وقدرة على الرصد وبناء أنساق وصور شعرية مميزة، إن لم نقل رائعة، خاصة وأني في ذلك اللقاء اكتشفت السر!!!، وعرفت كيف يكتب “سراج الدين الورفلي” نصوصه، وأين!!!

هنا، ألتقيه مرة أخرى، بعد إعلانه فائزاً بالترتيب الأول في مسابقة الشاعر “محمد عفيفي”، في حديث قصير عن الجائزة، وعلا قته بالشعر..

 

بداية، تهانينا بالفوز، واسمح لي بسؤالك: ما الذي يعنيه فوزك بجائزة في الشعر باسم “محمد عفيفي”؟

جائزة باسم فيلسوف وشاعر غير تقليدي بقامة “محمد عفيفي”، هي بالتأكيد جائزة مهمة، وربما تكون إختيارات اللجنة للمخطوطات الفائزة أخذت بعين الإعتبار رؤية “عفيفي مطر” للشعر الحديث. كما أن أسماء أعضاء لجنة التحكيم الذين أعلن عن أسمائهم لاحقاً، هي أسماء كبيرة وذات خبرة وذائقتها الشعرية عالية جداُ.

جميل؛ وما الذي أضافته لك هذه الجائزة؟

هي خطوة مهمة بالنسبة لي، فمشاركتي وسط مشاركات وتجارب المشاركين المهمة ومن بعدها الفوز بالجائزة، أعطاني إحساساً مؤقتاً بالراحة والتي سرعان ما زعزعته أول فكرة خطرت في بالي، بعد إعلان الفوز مباشرة.

نتوقف مع الشعر؛ كشاعر شاب، كيف ترى المشهد الشعري في ليبيا؟ وإلى أي مدى تأثرت بهذا المشهد؟

لستُ جيداً في الإجابة عن الأسئلة. لأنه في الحقيقة ليس لدي ما أقوله، فما أريد قوله أكتبه كنصوص في نهاية الأمر، كذلك لستُ دبلوماسياً لأعطي إجابات لاتُفهم مقدمتها من مؤخرتها.

لكن بشكل عام وبعيداً عن الإجابات المعلبة، أظن أن الحرب جيدة للشعر، إنها تعطينا رؤية أقرب لقبحنا، تُعرينا أمام أنفسنا، وهذا ليس شيئاً سيئاً كما يعتقد المتفائلون بقدر ما هو إلزامي وواقعي بشكل مخيف.

تربة الشعر تقلبت أثناء هذه الحرب، ظهرت أسماء وأختفت أخرى، ورغم أني لا أؤمن بالأسماء بقدر ما اؤمن بالنص، فليس هناك شاعر جيد في نظري، وإنما هناك نص يستحق التمعن فيه، لذلك ظهرت نصوص مرعبة، قصائد  لاتشبه ما يمكن تسميته بقصائد التنمية البشرية، والتي تأثرت دائماً بالشعارات الكبيرة جداً والهلامية جداً، والتي تجعل الإنسان يرددها ببلاهة كأنه ببغاء صدئ في قفص ملون، فهي تعطي الإنسان لأملاً بليداً لارجاء منه ، أمل لايشبهه سوى اليأس في أعظم حالاته.

ظهرت نصوص حقيقية بأقدام حافية ومتسخة، وأطراف مبتورة ، نصوص تعاني من الأمراض ملقاة في ردهة المستشفيات الحكومية ، نصوص مرمية في السجون ، وتسكن وسط القبور المفتوحة وأنابيب مياه الصرف الصحي. هل هذا ما نريده من الشعر ؟! لا أعلم ، ولكن حتماً يكفي أن هذا مانشعر به!

في الحقيقة لم أتأثر في بدايتي بالمشهد الشعري في ليبيا، رغم أني أحببت نصوص الكثير من الشعراء والشاعرات الليبيين.

في خضم الوضع الليبي، ما الذي يمكن للشعر أن يضيفه؟

ما الذي يمكن للشعر أن يضيفه؟! وهل عليه أن يضيف شيئاً؟ لا أعرف بخصوص الوظيفة، ليس بالنسبة للشعر فقط وإنما للفنون جميعاً، لكني أريده أن يثقب نظرتنا للأشياء، أن يُشرحنا، أن لا يُشفق علينا، وأن يكون قاسياً وناعماً في ذلك، كما لو أنه يمسك سكيناً من الموسيقى.

كيف ترى العلاقة بينك وبين الشعر؟

علاقتي مع الشعر سيئة ومتوترة في أغلب الوقت، فهو أشبه بسرقة حكمة من غانية في الوقت الذي لا يجب عليك فعل ذلك، وممارسة الجنس مع راهبة لا تجد وقتاً لنفسها .

مربك وحقيقي ويسبب الكثير من الإجهاد، إنه بشكل ما، إعطاء الأولوية للاوعي بدل الوعي، وذلك لأن الشعر يُتفه الوعي ويجعله سطحياً وساذجاً.

إنه أن تكون واثقاً وأنت تضغط على الزناد بإصبعك المرتجف، أن تدون ليس معاناتك مع الحزن فقط وإنما معاناتك مع السعادة أيضاً.

إنه مرهق جداً ومخيب للآمال، وهو يبدو دائماً كالضوء الذي سيدرك متأخراً بأن المكان الذي وصل إليه ليس هو المكان الذي فكر فيه طوال مدة ركضه لاهثاً وسط ظلام العالم.

هل من مشاريع قامة؟

لا مشاريع قادمة إلى الآن، وأشكرك صديقي رامز، وشكراً لبلد الطيوب على المجهود الرائع الذي يبذله من أجل الشعر في هذا الزمن البائس.

كلمة أخيرة..

لا أعرف ماذا يقال في الكلمة الأخيرة لتخلق بعد نطقها مناخاً درامياً ،الكلمة الأخيرة أظن أنه لا يجب أن تكون هناك كلمة أخيرة، علينا أن نثق بمعاناتنا لأننا بعد كل شيء ما عاد لنا شيء يمكن الوثوق به سوى معاناتنا، نحن في مرحلة حرجة لأننا خائفون، وطالما نحن نشعر بالخوف فالحرب لن تتوقف، علينا أن نمتلك الجرأة لكي لا نقول كلمتنا الأخيرة

مقالات ذات علاقة

القاص سالم العبار: اليومي والعابر والهامشي، كثيراً ما يكون هو الحقيقي

المشرف العام

حوار مع الدكتور المولدي الأحمر مؤلف كتاب الجذور الاجتماعية للدولة الحديثة في ليبيا

المشرف العام

أحمد البيزنطي: كنت ممثلاً وضمن أفراد التخت الشرقي

المشرف العام

اترك تعليق