رواية قيام وانهيار الصاد شين
طيوب عربية

رواية صاد شين.. رواية المغالطات


استمتعت بقراءة رواية تسجيلية مثيرة صدرت حديثا عن دار ميريت بالقاهرة بعنوان (قيام وانهيار الصاد شين) لمؤلفها الروائي “حمدي أبوجليل” والذي استمر في كتابتها مد عشر سنوات ولم ينشرها الا بعد سقوط نظام القذافي.

واسم الروائي بالكامل هو “حامد عيسى أبوجليل”، قاص وروائي مصري من أصول ليبية، من قبيلة الرميحات، من مواليد الفيوم سنة 1967م، صدرت له من قبل عدة كتب تاريخية ومجموعات قصصية منها؛ أسراب النمل سنة 1997م، وأشياء مطوية بعناية فائقة سنة 2000م، وطي الخيام سنة 2012م وغيرها، ومن الروايات صدرت له رواية (لصوص متقاعدون) سنة 2002م، ورواية (الفاعل) سنة 2008م وهذه الروية (قيام وانهيار الصاد شين) صدرت سنة 2018م و يهديها الي صديقه الكاتب والمؤرخ الكويتي “سليمان الفهد”.

والصاد شين هي صنيعة “معمر القذافي” في منتصف السبعينيات، نتيجة العداء بينه وبين الرئيس المصري الراحل “أنور السادات” في تلك الفترة، حيث افتتح للصاد شين مكتبا حكوميا رسميا بمدينة (طبرق) وسمي مجمع البلديات الشرقية (الصاد شين)، اختصارا للصحراء الشرقية، كان تحت إشراف العقيد القذافي شخصيا، وتكليف ضابط من ضباط الثورة بهذا المكتب في البداية، ثم عميد بلدية طبرق فيما بعد. هذا المكتب كانت له ميزانية مستقلة ومرتبات للموظفين به والمسجلين فيه ضم معرفون من شيوخ القبائل المعروفة لجميع القبائل الليبية القاطنة الصحراء الشرقية والفيوم وتم تسجيلهم في تلك السجلات وكانت تستخرج لهم بطاقات شخصية باسم ص ش.

وهذه الرواية مثيرة وبها أحداث كثيرة، رواية تسجيلية مثل ما يكتبه وينشره الروائي الليبي “محمد الاصفر”. هذه الرواية غير مرتبة الحوادث بطلها المؤلف، فهي سيرته الشخصية منذ طفولته في الفيوم .
ففي الفصل الاول للرواية يذكر أن “معمر القذافي” هو من مواليد جنوب الفيوم في بيت أخواله بنجع البراعصة، ثم عادت به أمه طفلا إلي سرت، ومنها انتقل الي سبها، وهذا سرد غير دقيق ووقائع غير صحيحة .
ثم يحكي “أبوجليل” عن تجربته في الهجرة غير شرعية وعمره سبعة عشر عاما في التسعينيات بعد تكملة مدة الجيش إلي (بنغازي)، وعدم حصوله على عمل في بنغازي بل السجن، ثم انتقل إلي (زليطن)، ثم إلي إقاربه (الرماح) في (سبها) فهي المحطة الأولى له في البحث عن العمل.
في فصل وغش أفريقيا ويتطرق إلي الرئيس الفلسطيني “ياسر عرفات” -رحمه الله-، وسقوط طائرته في (السّارة) والعثور عليه وإسعافه ونقله الي مستشفى (طرابلس)، وليس (سبها) كما ذكر المؤلف.
وفي فصل يتطرق إلي “صالح بوحبونه” الذي كان يعيش في جنوب الفيوم، ودخل (سلكاوي) متسللا الي ليبيا وعمره سبع عشرة سنة، واشتغل في شركة بناء مع “عوض المالكي” و”بوقرور” وبعد ذلك اخذهم الجيش ومعهم آخرين، وجعلوا منهم (كتيبة صاد شين).
ويحكي “حمدي أبوجليل” عن عمله وعن سكنه في (حي الطيوري) بجنوب سبها. وفي فصل التعريف بالصيد صديقه يتطرق إلي (الفيوم) وأعمامه وأخواله، ويرى شخصية الصيد مثله الأعلى في الهجرة غير شرعية.
وفي فصل الهجوم، يتطرق إلي (زوارة) والمكوث فيها مع أكثر من مائة وخمسين، رغبة في الهجرة إلي إيطاليا. ويتطرق في فصل الصاد شين أو أبناء الصحراء الشرقية، فيقول إن “القذافي” جنس كل من أراد أن يتجنس من أبناء القبائل العربية والذين سافروا إلي ليبيا للعمل في السبعينيات، على أساس أنهم هجرات قديمة من الغرب الليبي، وكان يطمح أن يستمر ذلك، ولكن المعركة التي وقعت بينه وبين الزعيم المصري أوقفت المشروع، وضمهم ضمن من ضم من الصاد شين إلي الجيش الليبي. أما قول المؤلف ان الزعيم القذافي نفسه صاد شين، مردود عليه وأن أمه من براعصة مصر هذه معلومات غير صحيحة.
ويورد المؤلف مجرودة قديمة عن التهريب وكذلك نبذة عن سيرة بلبل الصحراء “عوض عبدالقادر المالكي”.

ومن خلال قراءتي لهذه الرواية يتضح لنا ان الروائي غير متعمق في قضية الصاد شين، وليس ملما بها من الناحية السياسية والاجتماعية ولم يلتق بشهود عيان عاصروا تلك الفترة .
ولكن الميزة في أسلوب هذه الرواية أنها كتبت باللهجة العامية المبسطة، بل وأصر على كتابتها بلهجة أبناء الصحراء الشرقية صاد شين، والبوح والفضفضة وكشف المستور ووردت بالرواية العديد من الألفاظ النابية والجارحة والأخطاء اللغوية والنحوية، لكن الوقوع في الاخطاء في المعلومات والوقائع على سبيل ص 129 من الرواية يقول المؤلف قامت الحرب واجتاز الجيش المصري الأراضي الليبية حتى الحدود التونسية وهذا غير صحيح، دخلت بضعة دبابات مصرية بلدة مساعد الحدودية مع مصر أثناء الحرب بينهما لساعة، وتم طردها والقضاء عليها. وكذلك رغبته في العمل في الصحافة الليبية حيث ذهب الي صحيفة (الفاتح) و(الزحف الاخضر) في سبها على حد زعمه، ولم يجد أحدا وهذه الصحف كان مقرها في طرابلس وليس في الجنوب في سبها مع صحف أخرى مثل (الفجر الجديد) و(الشمس) و(الجماهيرية) وغيرها.

وفي الفصل الاخير يتطرق المؤلف الي اشتغاله بتهريب المخدرات في ايطاليا ثم الهروب والعودة الي مصر .
وتحتاج هذه الرواية الي اعادة النظر فيها وتنقيحها من الاخطاء والتكرار والسماع من جديد لشهود العيان الي المعاصرين لهذه التجربة من الاحياء عند اعادة طباعة هذه الرواية في طبعة ثانية..

مقالات ذات علاقة

لو كنت معي

المشرف العام

خطــاب الكراهية

حسين عبروس (الجزائر)

هل العزلة ثقافة أتصال أم انفصال؟* 6 ـ 7

إشبيليا الجبوري (العراق)

2 تعليقات

مفتاح التمامي السنوسي 7 ديسمبر, 2021 at 21:52

يام وأنهيار الصادشين … لقد نسى الكاتب إن أصل المشكلة هي ضعف الهوية لدى حاملها (مواطن المنطقة الغربية المصرية الشرقية الليبية ) وهوطمع وجشع كامن بالنفس العميقة … حلم راود أولئك البوساء بالإنخراط في مواطنة لدولة نفطية وهرباً من واقع إقتصادي وإجتماعي ودونية يحيونها في مصر … ومعلومة ثابتة هي أن المواطن الليبي المتمتع بالهوية الليبية كان يعيش في أقصى الشرق الليبي وعلى خط الحدود الوهمي الفاصل بين ليبيا ومصر وهو فخور وواثق من أصوله وهويته الليبية … وام يسمى أبداً (صادشين) …. الصادشين هي فئة مدون ببطاقات الهوية الخاصة بهم أنهم من ساكني الصحراء الشرقية والذين لم يكونوا يحملون الجنسية الليبية منذ تاريخ تأسيس الهوية الليبية بعيد الإستقلال (1954) م ….. ولاحقاً وبعد قيام ثورة الفاتح (1969) تدفقت أعداد غفيرة منهم نحو ليبيا بحثاً عن فرصة أفضل للعيش ….. مما شكل عبئاً على كاهل الدولة الليبية ولم يكن هناك خيار إلا منحهم بطاقات هوية تحدد مقر سكناهم ومحلاتهم … وخلال الفترة الممتدة منذ 1969 وحتى أفول نجم الفاتح في 2011 م نال الكثير منهم نصيباً معقولاً من مكاسب الدولة الليبية وحظوا بفرص لم تتح لليبيين الأصليين …!!!

رد
المشرف العام 8 ديسمبر, 2021 at 04:50

نشكر مرورك الكريم…

رد

اترك تعليق