سرد

رواية الحـرز (29)

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

مدينة غدامس (الصورة: عن الشبكة)

29

 جاءت الشقيقة كما اعتادت في الآونة الأخيرة.. كانت مشغولة بإعادة الأواني النحاسية إلى أماكنها من الجدار.. أما الرضيع فلم يتوقف عن اللهو والمرح والهمهمات المجهولة حتى بعد أن اخذت منه كل الأواني النحاسية.. جلستا بعد أن فرغتا من إعادة تمانحت البيت إلى أحسن مما كانت عليه:

– أعدي لنا شايا.. لدي من الأخبار الكثير.

وضعت وعاء الشاي على كانون الجمرات.. رشت قليلا من البخور.. اعترضت الشقيقة:

– لما هذا الإسراف؟.. كان عليك الاحتفاظ بمثل هذا البخور لحين عودة الغائب.

تنهدت قبل ان ترد عليها:

– عندما يعود فاسحرق اجود انواع البخور فرحا وطربا.

صبت الشاي في كوبين.. تمادت الشقيقة في تعنيفها:


– لا تنسي انهم يعشقون البخور.

كانت تشير إلى أمة الخفاء.. لا أحد في كامل الواحة يجهل أدمان تلك الأمة للبخور.. لذا تحرص ربات البيوت على تبخير بيوتهن كل يوم.. بل لا يبخلن في شراء افخر الأنواع.. أنه نوع من الصفقات الخفية بين الأمتين.. تساءلت:

– من تعنين؟

 اشارت برأسها نحو الرضيع الذي بدا واضحا استمتاعه بتنشق البخور.

– ظننتك تعنين الغائبان.. زوجي وشقيقنا ههه ههه.. هات ما عندك من أخبار.. فلدي ايضا ما استشيرك فيه.

– إنه موسم الأعراس كما تعلمين.

– ليس هذا بالجديد.. لكني لم اسمع انه سيقام في عرشنا حفل عرس.
– ليس الان.. لكن هناك عرس سيقام في عرشنا بعد شهر أو أكثر.. ما أتحدث عنه عرس بعرش آخر وقد دعيتي لحضور ليلة الحنة.

رشفت من كوبها.. قالت:

– تعلمين صعوبة تلبيتي لدعوتها.. كان عليك ان تعتذري لها نيابة عني.
– لقد فعلت.. لكنها أصرت على دعوتك.

– ماذا عن الرضيع؟.. تعلمين أني لا أستطيع اصطحابه.

شربت الشقيقة ما تبقى في كوبها من شاي دفعة واحدة.. قالت:

– يمكنك ابقاؤه معي.

– الن تذهبي الى العرس بدورك؟..

– كلا فزوجي لم يسمح لي بذلك.

– ماذا ايضا؟

– لا شيء سوى الحديث عما جلبته قافلة غات من متاع.. غدا ستعقد النسوة سوقهن لعرض ما جلبته لهن القافلة.. حان دورك هات ما عندك.
بحثت عن الرضيع.. كان يغط في نوم عميق.. في مكانه بالكوبت.

قالت بعد أن عادت إلى مكانها:

– سأذهب إلى الفقيه.

توقفت الشقيقة عن شرب الشاي.. أعادت كوبها إلى الصفرة.. نظرت اليها:

– أي فقيه تعنين؟

– لا ادري.. فقط عزمت على ذلك.

– أرى ان تذهبي الى فقيه من عرش بعيد.

– عرش بعيد؟.. ظننت انك ستشيرين علي بفقيه عرشنا.

– اذا اردت ان ينتشر خبر مصيبتك غدا فافعلي.

– كيف اصل اليه؟.. أخشى أن يتكرر معي ما حدث للأعرج.
– هذه المرة الامر سهل.. لن تضطري لاستعمال طرق الرجال السفلية.
– هل اصطحب معي الرضيع؟

– أرى أن لا تفعلي هذا الآن.. فقط اذهبي واروي له ما جرى.

– غدا سأذهب صباحا.. بعد صلاة الفجر.

– هل تعتقدين أن ذلك وقت مناسب؟

– انه انسب وقت.. انه وقت نوم الرضيع.. كما أنه انسب وقت لقطع كل تلك المسافة بعيدا عن أعين الفضوليات.

– أرجو ان تجدي عنده حلا لمعضلتك.

تناولت كوب الشاي.. قبل ان ترشف منه سالتها:

– كيف تدبرت أمر المال؟

عندها روت لها حادثة سقوطها واختناقها.

مقالات ذات علاقة

ثلاثُ نمْلات تعبرُ كِتابا *

مفتاح العماري

عشت كل شيء

شكري الميدي أجي

ويركض الحنان في الأرجاء

مهند سليمان

اترك تعليق