سرد

رواية الحـرز (11)

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

حياة المرأة في غدامس (الصورة: عن الشبكة)

11

لم يكن امامها خيار آخر..
صارحت الشقيقة بمصيبتها.. بكتا معا.. بكتا طويلا.. واستها الشقيقة في مصابها.. قالت بعدها:

  • يا لك من قوية.. كيف استطعت كتمان أمر كهذا طيلة هذا الوقت؟.

مسحت دموعها.. أجابت:

  • لم يكن الأمر سهلا.. كما اني لم أجد خيارا غير الكتمان.. وهذا ما أطلبه منك.

صمتت الشقيقة.. صمتت لتدبر الأمر برمته.. لكنها أخيرا منحتها وعدا بالكتمان.. تساءلت الشقيقة :

  • ما الحل الان؟

أجابت:

  • – عليّ استرداد طفلي.. بأي ثمن.. انكشاف السر قد يفسد علي أي تدبير فاحذري.
  • – ماذا عن ذلك الثعبان الأسود.. ماذا ستفعلين بشأنه؟
  • – لا أدري.. انها ليست مؤذية على ما يبدو.. هناك شيء ما أجهله.. معرفته قد يكون فيها الوصول لرضيعي الضائع.
  • – عليك الاسراع قبل عودة زوجك.. سيلاحظ حتما ما طرأ على رضيعه من تغيير.
  • – سأحاول.. لعل لدى كهل الأدغال الناصب خيمته خارج السور حل لمصيبتي.
  • – هل تنوبن زيارته؟

أجابت بإشارة من رأسها.

– عليك ان تكوني حذر.. الأمر في غاية الخطورة.

  • – ما أريده منك الاعتناء بالرضيع أثناء غيابي.

اضافت:

  • – إياك أن تتخلي عنه في حال ما حدث لي مكروه.

كانت وصية ثقيلة ومخيفة.

تنكرت..

 وجدت في ثياب زوجها القديمة ما يفي بالغرض.. جربتها.. أدركت صعوبة مهمتها.. لكنها مضت في تنفيذ ما قررته.. لم تجد وسيلة أخرى.. أعراف الواحة تجرم استعمال النسوة للطرقات السفلية.. فالمسارات العلوية كافية وكفيلة بإيصالهن إلى أي مكان في الواحة.. أما ساحات العروش وأسواقها فهي محرمة تحريما مغلظاً عليهن.. فلهن بديلاً يغنيهن عن ارتيادها.. كل ذلك في أعلى الواحة.. لهذا يحلو لشقيقها التندر فيصفهن بآيت أنّج.. أي أهل العالية أو العلالي كما يحلو لها ترجمت وصفه.. فترد عليه ضاحكة بأسوأ وصف: آيت أدّا.. يضحك بدوره فرحاً.. فمثل هذا الوصف يعجبه.. فالتشبه بأمة الخفاء ليس بالأمر السيء بل مما يدعو للفخر.. كان ذلك قبل أن يصوم رمضانه الأول ليغادر بعدها في رحلته الأولى نحو فزان ومنها الى بر السودان..

ها هي تقع فريسة آيت أدّا.. لو كان شقيقها هنا لربما صارحته بمصيبتها ومصابها.. ربما كفاها عناء الذهاب لملاقاة الغريب الغامض خارج الواحة.

 اختارت ما ناسب خطتها من ثياب زوجها.. تجنبت استعمال ثياباً جديدة.. ذلك قد يسهل التعرف عليها وامعانا في الحذر.

 كان عليها كذلك اختيار الوقت المناسب لهذه المغامرة.. فخروجها متنكرة لا يعني وصولها إلى غايتها.. هو فقط وسيلة.. وهي وسيلة محفوفة بالكثير من المخاطر.. فمن السهل ملاحظة أي غريب يدخل الواحة وتتبعه ومعرفة نواياه مهما حاول إخفائها.. أما إذا تنكر فالأمر أكثر إثارة للريبة والشكوك.

مقالات ذات علاقة

ماذا لوْ كانت معي

مهند سليمان

كيف ذاك الحبُ أمسى خبراً* .. العاشقة الإيرانية

محبوبة خليفة

رواية الحـرز (ما بعد النهاية) الأخيرة

أبو إسحاق الغدامسي

اترك تعليق