رواية النص الناقص. للروائية عائشة الأصفر.
سرد

رسالتنا من النص الناقص

رواية النص الناقص. للروائية عائشة الأصفر.
رواية النص الناقص. للروائية عائشة الأصفر.

جزء بسيط من رواية النص الناقص للأستاة عائشة الأصفر، هذا الجزء عبارة عن رسالة (1)، ورسالة (2) من رسائل مريم إلى عامر. مقطع مميز يرسم الشخصية المرسلة ويرسم المجتمع حولها.
لا غنى بالطبع للقارئ ان يقرأ النص كاملا وذلك للوصول لفهم اكبر لهذه الرواية الرائعة . لكن هذا مجرد مقطع تعريفي بشخصية واحدة تعيش عالما مختلفا عن كل ما يحيط بها وهي ذاتها ما أبعدها عن عامر الذي تراسله وتأمل منه خيرا.
عبدالحكيم المالكي

رسالة 1

إلى عامر
أتفصد عرقا وصرخاتي تتصارع في فضاء الحرارة، وأنا أتمعن كُرات الجمر الملتھبة أمامي داخل الإناء الفخاري الأسود، وتلك العجوز المتھدّمة، تقلب القضیب الحدیدي بین أحشاء النار، تحشده جھنما ، لتغرسھ في أحشائي، یجثو أبي على ساقيَ ویشد أخي على ذراعي خلف رأسي بقوة، ویجثو بركبتیه على مفاصلي یطحنھا، تحملي “مریم”، أصرخ، أغمض عیني بقوة، أحس بتورم حبالي الصوتیة، یجتاز الصراخ فضاءَ الدار والسماء، ویتخطى مسمع أھلي،
أرجوك أخي، لماذا أبي؟، كفوا عني.. كانت أمي ترتعش كحلق جریدة بائسة لا تھدأ بمكان، ألمحُھا ھنیھة تغرق في الدموع، وتغیب ھنیھة، ویشرق وجھھا عليَ، “صبرا مریم”، اقتربي أمي، ابقِ معي، وكأن ھنیھتھا ھذه ستمنع ھذا الخازوق الناري، أھزُّ رأسي بقوة یمنى ویسرى، وأحاول الإفلات، وعبثا
أحاول، تصرخ القرویة ھیا شدّوا.. شدّوا ،أتشنج، أرتعش، أشھق، وھي تضغط بحدیدتھا على خاصرتي..
أغیبُ على رائحة الشواء، أعرق، أغرق، تمتزج عیوني بالملح، وثانیةً أقاوم القضیب، وھو في طریقھ ھذه المرة أسفل حضني، بیدٍ تُزیح الثوب أسفل، وبالأخرى تھوي بھ وسط حضن الجذب، الذي كان قلب الخصب، ذاب الخصب تحت النار، وعلا صوت الحریق، وفاح الشواء، شواء الأحضان، وشھقتُ، وغبتُ، لطمٌ على وجھي، وماءٌ بارد تغسلني بھ أمي، “صبرا مریم”، أصرخ..
لن أنجب منه .. لن أنجب منه .. أبدا لن أنجب منه
“مریم”
حجارة / سبھا
الأحد 15 / فبرایر/ 2004 م
الثامنة مساءً

رسالة 2

إلى عامر
لا تصدقھم، أنا لست مجنونة، ولا أعلم لماذا قالوا ذلك ومن فعل؟، توسلت إلیھم جمیعا زوجي وأمھ والطبیب، أن لا یتركونني مع ھؤلاء المجانین، وعبثا “عامر” عبثا، طلب الطبیب أن أبقى في المصحة العقلیة، صدّق زوجي و أمه
قالا لھ تھیم على وجھھا على غیر ھدى، تتخلى عن ملابسھا، قالوا أكثر من مرة تحاول خنق مولود لأنھا لم تلد، وقالوا لھ تحاول الانتحار، كانت ستشعل النار في الدار، قلت لھ أنھم یكذبون، لم أفعل ، أنا عاقلة قلت لھ، أنا أستاذة رسم، أحب تلامیذي ومدرستي، وأعد مشروعاً بحثیاً بالجامعة، أسألوا أمي تعتمد علي، تجرني الممرضات على الأرض الخشنة، وأنا أصرخ، أستنجد به، بزوجي، أرجوك أخرجني معك لا تتركني سأفعل ما تأمرني بھ، فلم یأبه لي، التفتَ نصف التفاتة ومضى بعیداً.. بعیداً.. تركوني “عامر”، تركوني وحدي في مصحة المجانین، أرید العودة لمدرستي عامر، إلى بحثي ، ولم
أكملْ اللوحة التي بدأتھا، فلتكملھا أنت، فلتكمل لوحة “جبارین” “تاسیلي”، وانقل صورة كھوفھا، بلون الصخور البركانیة الصفراویة الرملیة، جمیلة تلك الغابات الصخریة المتآكلة التي تشبھ الخرائب، ولوّن الحیاة الكاملة لأقدم حضارة في التاریخ، حررّ الألوان یا “عامر”، ولا تحبس خطوطك، سرْ خلفھا حرة أینما سارت، واستدع لھا كل جنون الأرض، دعْ جانھا ینطق وأنت ترسمھم یحلّقون في قمم “تاسیلي”، وفي أعلى قمة “أدرار أفاو” وھي تحرس قممھا الأخرى المحدبة الرؤوس في نظرة حانیة على صحرائھا، أریدھا أن تكون ضمن معرضك لھذا العام، عدني بذلك “عامر”، واسع لإنقاذي.
(مريم)
طرابلس (مصحة المجانين)
عصر الخميس 17 يونيو 2004

مقالات ذات علاقة

حدث في مدينتي

المشرف العام

ما خلف الأكمة..

عبدالله الغزال

خليط الليل والنهّار

محي الدين كانون

اترك تعليق