من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.
قصة

رسالة قصيرة إلى الله

من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.
من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.

1
شآبيب راعدة.. تتخلّلها الشمس.. اللحظة التي يَخْتِن فيها الذئب أبناءه.. الأغصان تلمع.. تقطر.. كلاب تتقابل على ضفَّتَيّ الوادي تنبح على بعضها.

2
طفل يراقب رغوة السَّيل.. ينشق بأنفه.. يقضم الشوكولاتة.. يُمرّر لسانه فوق شفتيه.. يُغمض عينيه استمتاعاً.

3
أستذري تحت الصخرة المشرفة على مجرى الوادي.. أعرف هذه اللحظة جيّداً.. في البَرْد.. تحت المطر.. لوح شكولاتة رقيق.. مقرمش.. يَجُرّ السعادة من أُذنيها. 

4
ينْزلق الطفل.. يسقط لوح الشوكولاتة.. الغلاف اللامع يطفو فوق السَّيل.. يجري الطفل بمحاذاة الغلاف.. يتعثَّر.. الوحل يلطّخ كُفّيه ورُكبتيه.. تتناسل المسافة.. يقف.. يلهث.. ينفث البخار.. يرسل بصره مع امتداد السَّيل.. غلاف الشوكولاتة يومض قبل أن يتوارى في انعطافة الوادي.

5
الطفل من خلال دموعه يكتب رسالة إلى الله.. يضعها في زجاجة.. يرسلها مع السَّيل.

6
أنحدرُ إلى مضيق الوادي.. ألتقطُ الزجاجة.. أفضُّ الرسالة:
(يا رَبِّي.. أَعِد إلَيَّ لوح الشوكولاطة.. أو أرسل لي لوحاً آخر من الجنّة.. فقد أخبَرَنا المُعَلِّم أنّك قادر على كلّ شيء.. وأنّ لديك جَنّة مليئة بالأشياء الحلوة).

7
أصعدُ إلى رأس الوادي.. أضعُ لوح شوكولاتة في الزجاجة ملفوفاً بورقة.. أرسلها مع السَّيل.

8
الطفل يلتقط الزجاجة بفرحٍ غامر.. يفضّ الورقة مُرتعِشاً.. يقرأ الرسالة:
(أنا أعرف أنّك تُحبّ الشوكولاطة.. إليك هذا اللوح الحلو المقارمش).
يتلفّت.. يرانِي.

9
يَمرّ صاعِداً بالقُرب منِّي.. يقف.. يُطيل النظرَ إلَيّ.. أتظاهرُ بِمسح حذائي.. يُقهقه:
ـــ لماذا يرتكب الرّبُّ أخطاءً إملائيّة؟ فقد أخطأ في هجاء كلمة المقرمش.. فاضاف ألفاً بعد القاف. 
أواصل مسح حذائي على شُجيرات الشِّبْرق.. يُضيف:
ـــ ثُم إنّ خطّ الرَّبّ ليس جميلاً.. فهو يُشبه.. يُشبه…..
تتلاشى كلماته الأخيرة في الضحك.. يواصل الصعود وهو يقضم الشوكولاتة باستمتاع.

(2009)

مقالات ذات علاقة

زحل…

فهيمة الشريف

سلطانة

إنتصار بوراوي

المحجوب

عزة المقهور

اترك تعليق