قصة

انتماء….

عندما يضعنا الله أمام الاختيار فهو يمنحنا فرصة ثانية للحياة…

الغابة من أعمال التشكيلي موسى أبوسبيحة

هناك على التلة القريبة من أشجار اللوز المتلاصقة، كانت ترى تلك البيوت الصغيرة وقد اكتست بلون أبيض حتى أصبحت كتلة من الثلج، وتوارت أبوابها ونوافذها وحتى ساكنيها لم تعد تراهم، كانت تحط كل يوم على تلك النوافذ تلتقط ما جادوا به من طعام وماء قبل أن يأتي الشتاء بقسوته، ليسجنها في عشها الذي لم تفارقه هذا العام احتضنت صغارها وآثرت البقاء…

في الخريف وقت رحيل جيرانها وأصدقائها، قررت ألا تكون معهم، لقد رأتهم أسراباً كثيرة تركوا أعشاشهم وغادروا إلى حيث مواطن الدفء والطعام، لم ترغب يومًا أن تهاجر وتترك هذه الأغصان التي تعلق بها فؤادها، وهذا الفضاء الذي حلقت به شغفًا، ولكن هذا الشتاء كان مختلفاً، لم تر يومًا هذه الغلالة البيضاء وهي تغطي زينة الأرض وبهجتها…

ترى هل كان قرارها صائباً بالبقاء؟ أم هو قدرها؟

كانت شجرة اللوز التي اختارت فيها عشها محشورة بين عدة شجيرات طويلة متلاصقة متشابكة وكأنها تحميهم، لكن هذه الريح تبدو مجنونة لا تأبه لضعفها وخوفها..

كانت تنظر إلى صغارها وهي فاتحة أفواهها ينتظرون لقمة من فمها، لم يدروا انها هي أيضاً خائفة وجائعة وقد تكون نادمة…

اليوم العاصفة شديدة وها هي أغصان شجرتهم العارية إلا من عشهم تتمايل لم يعد هناك من نجاة، اشتدت الريح وسقط العش وتناثر أطفالها كثمار لم تنضج فوق البساط الأبيض الذي غطى الأرض وكأنه كفنها، حاولت هي الطيران حاولت وحاولت لكن جناحيها لم تصمد أمام الريح الباردة وأخذتها بعيداً.


من ذاكرة الفيس 2019

مقالات ذات علاقة

رسائل واتساب

هدى القرقني

تحايل

خالد السحاتي

رغبة

المشرف العام

اترك تعليق