الكاتبة انتصار بوراوي
حوارات

انتصار بوراوي: يشغلني التفكير في بلادنا وأحوالها

كان هذا شغلي الشاغل منذ أن خلقني الله في هذا الوطن

حاورتها: ريم العبدلي – صحيفة أخبار بنغازي

انتصار بوراوي.. عرفت طريقها منذ طفولتها من خلال روايات الأدب العالمي المصور للأطفال والعديد من المجلات العربية.. نشرت مقالات وقصصا قصيرة في عدة صحف. وحول رحلتها مع الكتابة كان هذا الحوار:

الكاتبة انتصار بوراوي
الكاتبة انتصار بوراوي

– كيف بدأت علاقتك مع الأدب والكتابة؟
> بدأت منذ أول تهجية تأتأة القراءة والمعرفة، فحين كنت في الثالثة عشرة من عمرى تقريبا تفتحت عيناي على روايات الادب العالمي المصورة للأطفال وعلى مجلة البيت ومجلة العربي والدوحة، كان والدى الله يرحمه شغوفا بالقراءة وحريصا على اقتناء المجلات في كل شهر، ووجدت أمامي مكتبة كبيرة بها كل صنوف الادب العربي والعالمي فغصت وسافرت في عوالمها ولازلت عاشقة مغرمة في محراب القراءة أما الكتابة فلقد جاءت تلقائيا نتيجة عشقي للقراءة التى حفزت عقلي للأسئلة التي دفعتني للكتابة.

– كيف توفقين بين كل أنواع الكتابة؟ وفي أي حقل من الحقول الأدبية تشعرين بحريتك الفكرية أكثر؟
> ليست ثمة تخطيط الأمور تأتى تلقائية مثل بداية الكتابة والنشر التي كانت بالصدفة فبدايتي كانت مع الصحافة حين عملت في مجلة “لا” كنت اجرى تحقيقات واستطلاعات صحافية، ثم بعثت للمجلة قراءة أدبية عن قصة للكاتبة غادة السمان بعنوان “لعنة اللحم الأسمر” واطلع مدير فرع المجلة آنذاك في مكتب بنغازي استاذ عبد الرسول العريبي الله يرحمه، على ما اكتبه وبعثه للملف الثقافي لصحيفة الجماهيرية التي كان يتولى رئاسة تحريرها آنذاك الدكتور محمد احمد وريث الذى رحب بمقالاتي الادبية وافرد عمود زاويته للاحتفاء بها في مقال جميل عنها، من هنا بدأت الانطلاقة في الكتابة والنشر في الملحق الثقافي والاجتماعي للصحيفة.
كنت حينها في اواسط العشرينات من عمرى ممتلئة بالحلم والافكار الكبيرة وكتبت مقالات كثيرة رافضة وناقدة لمجتمعنا ولنظرته الدونية للمرأة ومحرضة على استعمال المرأة لعقلها والاعتماد على نفسها بالعلم والدراسة، كتبت ونشرت في الملحق الاجتماعي والملحق الثقافي عن الشئون الثقافية، وعن الكتب التي تلمس عقلي وفكري، فلم يكن يهمني اسم الكاتب او جنسيته انما ما يطرحه في كتابه من فكر يستحق ان يطلع عليه القراء والمهتمين، واهتميت أيضا بالكتابة عن الكتب التي تسرد تاريخ ريادة المرأة الليبية والكتب التي تعرض سيرة حياة الرواد في بلادنا بصورة عامة.

– تكتبين القصة القصيرة فهل تعتبرين هذا النوع من الفن الأدبي يحمل رؤية ام ماذا؟
> ليس هناك نوع أدبي لا يحمل رؤية، الكتابة اساسا موقف ورؤية من العالم والوجود والمجتمع الذي نخلق فيه، واي كاتب ليس لديه رؤية للعالم لا معنى لكتاباته، مهما كان اسلوبه اللغوي والأدبي جميل، القصة هي البراح الذي وجدت فيه ذاتي واغلب قصصي كتبتها من وحى علاقاتي بالأخرين والمجتمع، والاحداث التي وقعت في حياتي والتقاط ما يحدث حولي.

– أقرب كتاباتك إليك؟
> كل ماكتبته كان من وحى الصدق والتأمل ومحاولة معرفة العالم، لم يستكن عقلي المشاغب لليقينيات، وكان دائما يناوشني ويشاغبني لذلك كل ما كتبته احبه لأنه صادق وحقيقي ومعبر عنى تماما ولا اتملص من أي شيء كتبته وخاصة كتاباتي القصصية وربما اعتبر ان اقرب قصة لي هي قصة قصيرة بعنوان “أكاذيب الشهوة” التي قام الأديب والمترجم إبراهيم النجمي باختيارها للترجمة للغة الإنجليزية ضمن مشروعه لترجمة القصة القصيرة في ليبيا إلى اللغة الإنجليزية.

– باعتبارك امرأة وتكتبين القصة كيف تنظرين الي قضايا المرأة والصعوبات التي تواجهها؟
> قضايا المرأة لم ترتبط ببداية كتاباتي للقصة، بل بالقراءة والمعرفة بصورة عامة منذ أن وعيت وجودي كامرأة في مجتمع صعب به كثير من التعقيد والشيزوفرينيا، كان الطريق طويل ومعتم وربما لا يزال كذلك، بصورة عامة لا أحد يريد ان يكون للمرأة صوت أو فكر أو رأى، هم فقط يجاملونك بكلمات ولكن الحقيقة أن اخر شيء يشجعه المجتمع هو عقل المرأة وفكرها، وهذا سبب من اسباب اتجاهي لكتابة كثير من المقالات عن المرأة والمجتمع منذ بداية الكتابة والنشر، وتركيزي من خلال كتاباتي لدعوتها بأن تضع الأولوية في تفكيرها لدراستها وتعليمها وتحقيق استقلالها المادي والفكري مثلها مثل الرجل تماما، وتتوقف عن التماهي مع تربية المجتمع لها كقاصر، وهذا الاهتمام بقضايا المرأة في مجتمعنا وكتاباتي عنه لسنوات، كان سبب اهتمام الأستاذ ادريس المسماري “رئيس هيئة الصحافة آنذاك”، وتواصله معي في عام 2013 لأتولى مسئولية رئاسة تحرير مجلة “المرأة” التي حاولت من خلال سياستي التحريرية بها مع طاقمها الصحفي أن أركز على قضايا ومشاكل المرأة في مجتمعنا الليبي وفى تلك الاعداد التي اشرفت عليها تم فتح مواضيع كثيرة عن المرأة في السجون والمرأة العاملة والمطلقة وارامل الحروب وفتيات الرعاية الاجتماعية بالإضافة إلى تسليط الأضواء على النساء اللواتي يعملن في مجالات القضاء والمحاماة والعمل السياسي والمدني، كانت تجربة مجلة المرأة من اجمل التجارب الصحافية في حياتي ولكنها للأسف انتهت قبل اوانها مثل كل المشاريع الإعلامية الجميلة في بلادنا.

– هل كتبت قصة كنت انت بطلتها؟
> كثير من قصصي تحكى الكثير منى، وهذا شيء لا اتهرب منه فالنوع الذى أكتبه من القصة هو أقرب لشرفات للبوح عن ذاتي وعن علاقاتي بالرجل الحلم، والرجل الواقعي بكل تناقضاته واحزانه وخيباته وكذبه وصوره ومراياه ومرايا وجهى معه وقصص أخرى عن الشخصيات والاحداث التي مررت بها من فقد ومرض احبة وموت ..الكتابة كانت ولازالت بالنسبة لي هي البلسم والدواء في مواجهة محن الحياة.

– كيف يمكن للقاص أن يصنع عالما مختلفا؟
> كل قاص له رؤيته واسلوبه، فالقصة القصيرة عالم رحب وشاسع و هي متعددة الانواع فهناك القصة السيكولوجية التي أرى انها هي اقرب لما اكتبه وهناك القصة الفانتازيا والقصة الميثولوجيا وأنواع اخرى كثيرة في عالم القصة القصيرة الثرى وأسلوب القاص وطريقته في ابتكار قصصه هي التي تخلق عوالم قصته.

– هل القصة القصيرة قادرة على أن تحدث تغييرا اذا كانت فكرتها مؤثرة؟
> بالتأكيد مع الوقت والزمن يحدث تغيير، فالقصص التي تعرى المجتمع وتفضح ازدواجيته لها تأثير، وكذلك القصص التي تعرى الفساد السياسي والمجتمعي تعمل على إضاءة الفكر لدى قارئها ومع الزمن تحدث تغيير وإذا كانت مكتوبة بأسلوب مبتكر و جذاب لغويا فبالتأكيد ستجذب القارئ ويكون لها تأثير.

– ماهي مشاريعك الان؟
> مشاريعي دائما هي القراءة والكتابة، هذا ما أفعله كل يوم فأنا مهووسة وعاشقة ومغرمة في محراب الكلمة والقراءة، بحيث تنازعني حتى عن الكتابة احيانا، لهذا انا في المجمل اعتبر نفسى مجرد هاوية في مجال الكتابة، لدى مجموعة مخطوطات في مجال الكتابة عن الثقافة والكتب والمجتمع ومخطوطين قصصين أيضا.

– ما الذي يشغلك الان؟
> يشغلني التفكير في بلادنا واحوالها، كان هذا شغلي الشاغل منذ أن خلقني الله في هذا الوطن، ولا زال يشغلني كل يوم ولم اتوقف يوما عن التفكير والكتابة والحلم بالحرية والعدالة ودولة القانون والمؤسسات لكل الوطن.

– ما الذي منحه لك عالم الأدب والكتابة؟
> عالم الأدب والكتابة وهبني الكثير اكثر من أي شيء منحه لي أي انسان طيلة حياتي، منحنى ذاتي وكينونتي خارج الفهم القاصر المتخلف لمجتمعنا، وهبني الحرية في الفكر والخيال وتأمل الحياة فشغفي بعالم الادب والكتابة أهداني الى شجرة المعرفة السحرية فذقت كل ثمارها بشغف، وعمق بداخلي الإحساس بالحب والتماس الجمال في تفاصيل الحياة الصغيرة، والخروج من الدائرة الضيقة لمجتمعنا الخانق، لذلك لا استطيع تخيل الحياة بدون عوالم الادب والفكر والفن والكتابة وانا بعيدا عن هذه العوالم الثرية بالتأكيد سأذوى واموت.

__________________________________________
– نشر بصحيفة (أخبار بنغازي)، الأحد 23 يونيو 2019 – العدد: 3429

مقالات ذات علاقة

من ذاكرة المسرح

المشرف العام

فنان الكوميس عبدالله هدية يقول: حبوا بعضكم يا ليبيين!!!

رامز رمضان النويصري

حوار مع الشاعر سالم العوكلي

المشرف العام

اترك تعليق