طيوب البراح

المروءة بين الناس

من أعمال الفنان محمد الشريف.
من أعمال الفنان محمد الشريف.

كان ياما كان في سالف العصر والأوان، رجل لديه سيارة جديدة، وكان معتزا بها، وفرحان. وفي يوم وهو عائدا من عمله في ساعات الظهيرة والشمس كالمرجل في كبد السماء، ما لامست شيء الا تركته رمضان، فوجد رجلا يقف على حافة الطريق يحاول اتقاء الشمس بقطعة من كرتون في يده، أخذته الشفقة! فتوقف و فتح الباب.

دلف الرجل داخل السيارة تبادلا التحية، ثم استمر في السير لمسافة التفت ناحية الرجل ثم سأله عن وجهته، ابلغه عنها ولكنه لم يبلغه بخسته وما كان يحيكه له في تلك اللحظة.

زاد من سرعته قليلا لكى يتمكن من إيصاله والعودة إلى منزله، لأنه لم يكن في نفس الاتجاه، ويعرف ايضا ان زوجته وابنائه في انتظار وصوله لتناول طعام الغداء. لابد انه كسكسي بالحم اللذيذ، سال لعابه برغم جفاف حلقه من القيظ، دخل منطقة مهجورة قليلا وبحركة سريعة اخراج الراكب سكين ووضعه على رقبته طالبا منه ان يتوقف ويترجل من السيارة.

دارت الدنيا و غامت، تسارعت نبضات قلبه، ندم على الحظة التي توقف فيها، ازداد حلقه جفافا وتجمد الدم في عروقه وربما دورته الدموية من فرط سرعته، وكأنها تجمدت وبدأ يشعر بشفرة السكين بدأت تحز في لحم الرقبة، وصوت بدا له كفحيح أفعى يطلب منه يطلب منه الترجل والا…..!!!

تراخت قدمه عن دواسة البنزين وتوقف ونزل، بلمح البصر قفز اللص مكانه وصفرت العجلات مبتعدة السيارة تاركة الرجل! لم يفق من ذهوله في العراء في ذلك اليوم القائظ، فما يجرجر قدميه باحث عن أقرب مركز للشرطة تذكر قصة قرأها في زمن غابر، أن أعرابي كان مسافرا على جواده في فلاة الله الواسعة، استوقفه رجل فأشفق عليه و أردفه خلفه، تم بعد مضي جزء من النهار توقفا لتناول الغداء، فتقاسم معه الرجل الزاد، وأراد الإعرابي ان يبتعد ليقضي حاجته البشرية، وترك حصانه مع ذاك الرجل، فما إن ابتعد عدة خطوات حتى قفز ذاك اللص على الحصان واخد يعدو مبتعدا، استوقفه الأعرابي وصاح به: خذ الحصان و السيف و الزاد، ولكن لا تروى قصتك لا أحد من الناس كي لا تضيع المروءة بين الناس.

اعتلى درجات السلم، وهو في الرمق الأخير، اسنده الشرطي ليوصله الى ضابط المركز، وهو لا يزال غير مصدق ان هذا قد حدث.

ودمتم في سلامة.. ودامت المروءة بيننا..

مقالات ذات علاقة

اعتناق قصيدة

المشرف العام

الـزرقة

المشرف العام

بدوقراطية

المشرف العام

اترك تعليق