قصة

السامرائي

من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس

عندما شعرت القبيلة بغياب الوحي والوصال مع الله في غياب نبيهم (موسى).. شعرت القبيلة بفراغ الوحي من حولهم يلف حياتهم الوجودية فكان قد شعروا انهم لا يستطيعون العيش في ظل انعدام سيرة الاله بينهم.. لعل الفراغ الإلهي حولهم كان قد قض مضجعهم لقد تعود بنى يهود انهم دائما في تواصل مع انبيائهم حول المسار الإلهي.. وكان نبيهم (موسى) في تواصل دائم مع الله مع المعجزات الإلهية التي القى بها الله نحوه.. وكانت رسالة الوادي المقدس ان الله اختار بشرا ليتواصل معه ولعل ذلك لم يحدث ان الاله قد تواصل مع البشر مطلقا.. كانوا دائما بجانب نبيهم الذي لا يألوا جهدا في التواصل معهم لنقل الخطاب الإلهي إليهم.. لكن في رحيل (موسى) عنهم ترك فراغا الهيا في نفوسهم.. و أحاط بهم الفراغ الإلهي من كل جانب و شعروا انهم يعيشون في صحراء اللاوجود .. فانقطاع الوحي بينهم شعروا بالعدم الوجودي.. فالوجود الإنساني في حاجة الى إله بينهم حتى ينفى عنهم صفة العدمية الوجودية مع الذات الإنسانية.. شعروا بالتيه العظيم يحاط بينهم فلقد شعروا بغياب صوت الاله من حولهم وظنوا انه سوف يلقون التيه مرة أخرى في صحراء (سينا).. انقطاع وجود (موسى) عنهم كان ينفث في أنفسهم العدم المطلق.. لقد أنقطع الصوت و الصورة في غياب نبيهم عن الوصل الإلهي بينهم لفهم تماثل القلق الوجودي حول الله و شعروا انه في غياب الوحى الإلهي ثار في أنفسهم عدمية عظمى و شعروا بأنهم مخلوقات عدمية في كون عظيم و أنهم يلفهم تيه عظيم حول وجودهم الذى لا يستقر ابدا .. فالله هو الصورة العظمى في وجودهم و أن الحياة لا معنى لها في وجودهم و أنهم يلامسون كل شيء من حولهم دون أدراك ماهيته ورأوا أن الحياة من حولهم سوى أدراك الفضاء بما يحيط بهم و كان سعيهم المتواصل رفع الغمامة التي تحيط بهم عن أدراك ماهية الوجود ..لقد قذف بهم في هذا الوجود دون معرفة سابقة فليس لديهم الا عيون تتحرك في الفضاء و سمع في تقصي الحركة من حوله لم يكن هناك لديه علم في تحقق وجوده ..فكل المعرفة لا حقة أي مكتسبة و ليس هناك أدراك و معرفة سابقة ..و كان لدى الانسان شهوة عظيمة في معرفة الماهية الإلهية لقد بنوا المساجد و المعابد و الكنائس ليكون الله بجانبهم يلامس حضورهم الدائم .. ودعيت ببيوت الله.. وهم لا ينفكون عن حضور الصلاة ليكونوا قاربين من الله.. في غياب (موسى) رسول الله عنهم انتابهم بشعور بغياب الحضرة الإلهية.. وانفرد رجل من بينهم وأراد أن يملأ الحضور الإلهي فأنفرد بصناعة تمثال ليجسد صورة الله وينزع عنهم قلق الغياب الإلهي الي كان يحضره (موسي) برسائله عن وجوده.. وعندما غاب (عيسى) عنهم تجسدت روحه في الصليب.. كذلك سعى ذلك الرجل المدعو (السمراء) فقد كان يسعى الى إعادة الروح الإلهية التي كان يبشر بها (موسى).. فعمد الى صناعة تمثال من ذهب ليكون بديلا عن الله دعا الناس الى عبادته وهو بديل عن الله.. وسعى الناس الى دعوته ليس ايمانا بالصنم بل انهم رأوا في خوار ذلك الصنم الصوت الإلهي الداعي الى عبادته.. لقد كان القوم في حاجة الى حضورية الهية بينهم وحتى ان غاب الوحي عنهم فأن حضور الله بينهم سعيهم الأعظم لوجودهم ويظلون تائهون في دنياهم إذا لم يلامسوا حضور الروح الإلهية بينهم.. لقد شعر الرجل أن الله لا يلامس وجودهم الواقعي أن البعد الروحي كان الهاجس الأكبر لـ(السامرائي) فأراد أن ينطق الروح الإلهية بينهم.. كان لـ(موسى) روح الحرية في ان ينطق الانسان بها فلم يعاقب الرجل على فعلته ولم يجره الى الصليب كما فعل آل (عيسى) بل أراد الحكم لله.. للإنسان النطق فيما يفعل او يقول.. فلا على الانسان أي وصية عليه الا نفسه.. ولا على الانسان وصية الا ذاته.. أما أن يكفر وأما أن يؤمن.. وليس للإنسان أي وصية الا ذاته وليس خارج ذاته.. وترك (موسي) الحكم لله.. ولسعيه سوف يرى.. ليس بقطع الرؤوس ولا بالصلب والعقاب الدنيوي.. (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء).. فلقد خلق الانسان في هذه الدنيا ليصارع الحياة بخيرها أو شرها (لقد خلقنا الأنسان في كبد).. أنه لا يفارق سلوكه بذلك الرجل الذي كان يحمل قدره (صخرته) الى قمة الجبل ذهابا وإيابا.. فالأنسان لا يستقر على حال …فالله خلق النقائض في وجوده.. لقد أراد (السامرائي) أن يثبت للناس ان وجود الأنسان بلا خالق عبث لا طائل منه وأن وجوده عبث. بلا خالق من حوله. في ظل اللا معرفة من حوله بحقيقة وجوده.. أنه لا ينفك عن تلمس وجوده كمخلوق يجهل كنه وجوده.. فالله هو الملاذ النهائي وهو يسعى لمعرفة كنه وهو الغاية القصوى للمعرفة الوجودية الإلهية فهو يظل في صحراء التيه مالم يدرك الغاية النهائية عن ماهية الله فالماهية الوجودية الإلهية تظل المسعى الأعظم لسعيه الوجودي.. انه يظل في تيه الوجود مالم يقترب من الله..

مقالات ذات علاقة

توقيعات على اللحم

خليفة حسين مصطفى

الدرويش

سعد الأريل

رسائل من واتساب

هدى القرقني

اترك تعليق