متابعات

الدريبة.. شريعة المجتمع البدوي غير المكتوبة

بوابة الوسط

الدكتور عمر خليفة، بمقر مكتب الثقافة بنغازي.
تصوير: مريم العجيلي.

ألقى الدكتور عمر خليفة، بمقر مكتب الثقافة ببنغازي، محاضرة بعنوان «الدريبة.. أصل من أصول حماية حقوق اﻹنسان والمجتمع المدني في الثقافة الشعبية ﻷبناء ليبيا».

وأوضح المحاضر في جامعة بنغازي، كلية الآداب، أن الدريبة هي إرث أو عرف لا يُعرف متى ومن قام بكتابته أو كتابة نصوصه، «لا نعرف من نظمها ولا من صاغها»، وتعذر الوصول إلى مراجعها التي هي في الواقع من العرف المتعارف عليها، «لكن نعرف أنها تعرضت إلى عمليات تعديل وتنقيح في تصوراتها وقوانينها»، حتى غدت مقولات معبرة وأمثالاً سارية تعبر عن أمور كثيرة مشتركة، وكذا تعبر عن واقع وتاريخ أبناء الجماعة التي حفظتها.

واستهل خليفة محاضرته، التي ألقاها الأربعاء، بسرد لمكان الجماعة، وقال إن: «الإنسان تأثر بهجرة بني هلال وبني سليم وللبحث عن المكان المناسب للجماعة ليكونوا مكانًا خاص بهم بعد أن انتقص عمران الإنسان إثر تحولات عدة اقتصادية ومكانية».

وخص بحديثه ولاية برقة «في القرن السادس الهجري تحدث أبو الفداء وهو مؤرخ، فقال إن برقة ولاية طويلة عريضة ليس لها في زمننا هذا مدينة، اندثرت كل المدن، وكانت هذه هي أحوال الإنسان والمكان ولم يكن يعرف سلطة منظمة، فمنذ اندثار تلك المدن وحتى إعادة إعمارها في النصف الأول من القرن السابع عشر على يد الأتراك كانت البلاد في حالة من الفراغ السياسي والتشتت السكاني».

وتطرق خليفة لتاريخ تلك الحقبة الزمنية إلى أن وصل إلى أن الناس أصبحت تتعامل بالدريبي (ركن النظام القبلي في برقة إلى تصنيف قبلي بالغ التعقيد وهو تصنيف يرتكز على التحالف).

وعلى الرغم من التغير المشهود على الوضع، إلا أنه ما زال للحياة البدوية تأثير في أفعالنا وأقوالنا، ولعلنا في الزواج مثلًا في شروط الزواج يطلب بين الحضري والبدوي مثلاً «صالة حضرية، لحم بدوي، مرطبات حضرية» وكذلك في المآتم «لم تكن هناك كراسي بل تم استحداثها»، فأصبح تحكيم الحياة البدوية والحضرية مزدوجة بين الاثنين.

وتابع: «هذه الأشياء هي مزج بين الحضر والبدو، وعلى الرغم من التغير الذي حدث في المجتمع، إلا أنه ما زال للبدوية تأثير كبير في حياتنا».

ويستخدم الدريبي في عدة أمور مهمة في المجتمع للآن منها «جماعية المسؤولية»، حسب قوله، ويتم ذلك «عندما يقع اعتداء أو نزاع أو خلاف، فيسعى العقلاء إلى أن تقع الأمور في سياق ما يتم فيه «وفق التشريع الذي وضعه الأسلاف».

وأشار المحاضر إلى بعض المصطلحات والمفاهيم، مثل المسار هو أن تسير عائلة المعتدي أو قبيلته في حشد إلى عائلة المعتدي عليه أو قبيلته، إرضاءً لها وحفظًا لحقها مع تحديد يوم معلوم ومكان معلوم وحضور رجال سياسة ووعاظ ومشايخ. والميعاد (الفراش) وهو المكان المعد للجلسة، وأفراده يتحلقون على غير انتظام حول ما تقدمه القبيلة من عقال «قوالة خير». أما التعديد، فهو ذكر مساوئ الطرف الآخر وتعديدها، وهي استيفاء جزء معنوي من الحق. ولذلك فإن تجنبه محمود في مجالس الصلح وذكره بعد «قوالة الخير».

وتعني «كنسة الفراش» الوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين، لا يتجاوز بأي حال من الأحوال ما هو معروف ومألوف، وربما كانت الواقعة نادرة الحدوث، فحينها يكون الحكم مشددًا وتنتهي «حبال السو طاحن في بير»، وهو مثل شعبي أي أن المشكلة انتهت على خير.

والخلاصة كما يشير المحاضر أن «الدريبة هي: الدرب الذي يسير عليه المجتمع البدوي».

مقالات ذات علاقة

الترهوني وبوطقوقة وأسئلة العقل الأنثربولوجي

مهند سليمان

التبو ومقاومة الغزوين الإيطالي والفرنسي جنوب ليبيا

المشرف العام

تاناروت… مقهى للقراء في الهواء الطلق في اليوم العالمي للكتاب

المشرف العام

اترك تعليق