المقالة

الحروب فوق الحسية

إن معظم الابتكارات التي أفادت الإنسانية بدأت بقناعات وأفكار، ولكنها قناعات وأفكار جدا حسنة، كما أن معظم الانتكاسات التي أضرت الإنسانية بدأت بقناعات وأفكار، ولكنها قناعات وأفكار جدا سيئة، ألا ينجلي للمرء هنا أن أساس نتائج الحروب الحسية في عالم الأشخاص والأحداث هي نتائج حروب فوق حسية في عالم القناعات والأفكار؟.

إن القناعات والأفكار الخَيِّرَة أسلِحة نَيِّرَة، فكونوا ذوي قناعات وأفكار حسنة نافعة مثمرة، ونَمُّوا الخير وبثوه في أنفسكم والغير وفي مجالكم الذي تعيشون فيه، تنهزم قناعات الشر وأفكاره المظلمة، ولن تجد مكانا في عقولكم تلج إليه، ولا إلى مجالكم الذي تعيشون فيه بأوطانكم، يخسأ الشر وينتصر الخير . 

إن الحروب الحسية هي الحروب التي نراها في عالم الأشخاص والأحداث، حروب المستوى المادي، تلك حروب الإدراك الحسي، وهذه الحروب قد لا تخفى على أحد فهي حروب حسية مرئية وأسلحتها مادية ملموسة، ابتِداءً من الأسلحة الحديدية وانتِهاءً بالأسلحة النووية، أي هي تلك الحروب التي تستخدم فيها الدول والأشخاص أسلحتهم المادية من أدناها قوة إلى أقصاها لتحقيق أهدافها سواء كانت أهدافا حسنة من خير البرية أم أهدافا سيئة من شر البرية في هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر .

أما الحروب فوق الحسية والتي هي صلب ما أود التحدث عنه، فهي الحروب التي نستشعرها في عالم القناعات والأفكار، فرق كبير بين ما نراه وما نشعر به، حروب المستوى فوق المادي، تلك حروب الإدارك فوق الحسي، وهذه الحروب قد تخفى على كثير منا فهي حروب فوق حسية غير مرئية وأسلحتها غير مادية وغير ملموسة، ابتِداءً من بث القناعات والأفكار وانتِهاءً بابتكار الأنظمة الإقتصادية والسياسية والاجتماعية للشعوب، حرب القناعات والأفكار هي حرب فوق حسية، أي هي تلك الحروب التي تستخدم فيها الدول والأشخاص أسلحتهم غير المادية من أدناها قوة إلى أقصاها وفقا لأهداف كل منهم، سواء الحسنة منها أم السيئة، ففي العالم المعنوي أيضا حروب بين الخير والشر، كالحروب بين الخير والشر في العالم المادي تماما، ونتائج الأولى  هي أساس نتائج الثانية، ولنبسطها معا في هذا المثال الذي تحريت فيه التبسيط قدر الإمكان .

فلنطلق على الفكرة الحسنة النابعة من الخير اسما من أسماء الأسلحة المادية، والفكرة كما يعلم الجميع ذات طابع غير مادي، وليكن اسم الفكرة الحسنة على سبيل المثال : ( صاروخ بعيد المدى ذو دقة عالية في تحديد الأفكار السيئة وإصابتها وتعطيلها بسرعة فائقة للحس )، أتعلم ماذا سيحدث بمجرد تفكيرك في الخير وإطلاق فكرتك الحسنة ؟، ببساطة وبمجرد تفكيرك في الخير وإطلاق فكرتك تكون قد أطلقت ذاك الصاروخ في عالم القناعات والأفكار – العالم ذو المستوى غير المادي – ولقد أصبت على أقل تقدير فكرة سيئة ودحرتها وبالتالي فقد أنقذت شخصا ما في عالم الأشخاص والأحداث – العالم ذو المستوى المادي – من استيلاء هذه الفكرة السيئة عليه كيلا يصبح أداتها، هذا أبسط مثال أستطيع قوله لك عن الحروب فوق الحسية أو حروب الإدراك فوق الحسي، فلا تستهن بقوة القناعات والأفكار، لاسيما إن كانت فكرة حسنة نابعة من الخير، قم بإطلاق أفكارك الحسنة وشاركها مع غيرك، فهي ذات تأثير قوي، ارتقي بالخير وكن ذو قناعات وأفكار حسنة مثمرة، أطلق أفكارك الخيرة من منصات فكرك السوي المستند على قناعات الخير القيمة، واعلم أن فكرة الخير أقوى بكثير من فكرة الشر، قناعات الشر وأفكاره السيئة منحصرة مندحرة وقناعات الخير وأفكاره الحسنة منتشرة منتصرة لا محالة، تسلح بالإيمان والمعرفة وعمل الخير، واعلم أن مآل هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر هو سيادة الخير لا محالة، في العالم المعنوي والمادي سواء.

كن بين المعنوية والمادية بأن لا تكون متعمقا جدا وأن لا تكون سطحيا، هذا العالم الذي نعيشه اليوم لا يريكم حقيقة ما يتصارعون عليه، ولكن، يكفي أن نعلم أن الخير سائد لا محالة، فلنكن في صف الخير قدر استطاعتنا، القيمة في الخير، فلننمي الخير في ذواتنا وأوطاننا، ولنبث قناعات الخير وأفكاره الحسنة ولنحافظ على عقلنا الجمعي ومجالنا الذي نعيش فيه بأوطاننا، ولنكن على ثقة بأن قناعات الخير وأفكاره الحسنة هو المنتصر في صراع الحروب فوق الحسية لا محالة، ذاك صراع ذو طابع غير مادي، يتطلب منا الاقتناع بالخير وبث أفكاره الحسنة، وبالتالي يغلب الخير والأخيار في صراع الحروب الحسية، ذاك صراع ذو طابع مادي، يتطلب منا الاكتراث بالخير وعدم الاكتراث بالشر، اكترثوا بالخير تدعموه وتجاهلوا الشر تقزموه، فلنكن من خير البرية ولنعمل لما فيه الخير للصالح العام على قدر استطاعتنا ومسؤولياتنا من أدنى وظيفة إلى أقصاها في أوطاننا، فلنثق بقيمة الخير إيمانا منا بأن الخير بيد الله سبحانه وتعالى، ولنثق أن الخير متحقق لا محالة إيمانا منا بأن الله على كل شيء قدير .

مقالات ذات علاقة

موقع بلد الطيوب رمز المهنية والتفوق (ثلاثة وعشرون عاماً من التميز)

سالم أبوظهير

عن جائزة الروائي الراحل الكبير أحمد إبراهيم الفقيه

عبدالله الغزال

لمن تؤذن المآذن؟

سعد الأريل

اترك تعليق