مدينة اجدابيا
شعر

اجْدَابِيَا .. ضحكةُ التُّفَّاح ..

مدينة اجدابيا
مدينة اجدابيا (عن الشبكة)

لا تُوقِظِي أُمَّاهُ جَفْنَ جِرَاحِي
وَجَعٌ يُضَافُ إِلَى صَهِيلِ نُوَاحِي
لا تَسْأَلِي عَن غَائِرٍ في مُهْجَتِي
مُتَسَعِّرٍ باللاَّهِجِ الصَّدَّاحِ
لا تَنْبُشِي الْوَجَعَ الرَّصِيصَ بِخَافِقِي
قد يَسْتَفِيقُ فكيفَ كَبْحُ جِمَاحِي..؟
إن تلمسي ذاكَ المكينَ بأضلعي
سَتَسِيلُ أَنْهَارُ الأَسَى بِنِيَاحِي
هَذِي الَّتي قد أَثْخَنُوهَا بَلْدَتِي
نَجْوَى مَوَاويلي، وفجرُ صَبَاحِي
تلكَ الَّتي قد أَوْجَعُوهَا مُهْجَتِي
وَجِرَاحُهَا مَوصُولةٌ بِجِرَاحِي
وَدُمُوعُهَا من نَبْعِ عَيْنِيَ إِنَّهَا
تَبْكِي بِدَمْعِي، تُفْتَدَى بِنُوَاحِي
هذي محاريبي، وَسَجْدَةُ خَافِقِي
معنى تشاويقي، وَنَشْوَةُ رَاحِي
هذي دَوَاوِينِي، وَصَبْوَةُ كِلْمَتِي
ومِدَادُ رُوْحِي، وانطلاقُ سَرَاحِي
هذي بَسَاتِينِي، وَحَقْلُ طُفُولَتِي
وَمَلاعِبُ الأَمْسِ النَّقِيِّ الضَّاحِي
فيها نَسَجْتُ قَصِيدَتِي وَعَشِقْتُهَا
وَحَفِظْتُ قُرْآنًا على الأَلْوَاحِ
وَمَضَيْتُ أَنْشُرُ فِي الْمَدَائِنِ حَبَّهَا
بِالشِّعْرِ أو بِاللَّحْنِ ريقِ الرَّاحِ
في كُلِّ دَرْبٍ كُنْتُ أَزْرَعُ صَبْوَتِي
وَبَذَرْتُ أَشْوَاقِي، وَصِدْتُ مِلاحِي
وَرَسَمْتُ صُوْرَتَهَا مَلاكًا سَاحِرًا
عُصْفُورَةً تَغْدُو بِغَيرِ جَنَاحِ
فَهُنَاكَ أَسْمَعُ نَزْفَ جُرْحِ حَبِيبَتِي
مُتَأَلِّمًا لِفَظَاعَةِ الْجَرَّاحِ
والْيَومَ أُنْكِرُ كُلَّ مَا شَاهَدْتُهُ
لا الدَّارُ دَارِي، لا بِهَا مِفْتَاحِي
هذا الْمُسَيَّجُ بِالْمَنَايَا مَخْدَعِي
هذا الْمُلَغَّمُ بِالدَّمَارِ بَرَاحِي
في كُلِّ رُكْنٍ لِلْفَجِيعَةِ أَلْسُنٌ
صَمْتُ الْجِدَارِ، وَجَهْشَةُ الْمِصْبَاحِ
هَذِي عَرَائِسُ طِفْلَتِي وَسَرِيرُهَا
وَمُوَاءُ قِطَّتِها بِكُلِّ نَوَاحِي
وَكِتَابُهَا يَبْكِي، وَذِي أَقْلامُهَا
جَفَّتْ، وَذَا وَجْهُ الرَّدَى الْمُجْتَاحِ
هَذِي بَقَايَا لُعْبَةٍ مَغْدُورَةٍ
وَطُفُولَةٌ وُئِدَتْ بِغِيرِ جُنَاحِ
تَتَغَوَّلُ الأَشْبَاحُ في أَحْلامِهَا
فَتَئِنُّ مِثْلَ تَوَجُّعِ الأَرْيَاحِ
يَتَرَبَّصُ الْمَوْتُ الدَّنِيءُ بِرُوحِهَا
وَكِلَابُهُم تَلْغُو بِأَلْفِ نُبَاحِ
اِجْدَابِيَا، شَمْسُ الْمَشَارِقِ صُبْحُهَا
بِتَنَسُّمِ الأَفْجارِ عِطْرَ أَقَاحِي
وَتَوَرُّدِ الأُفْقِ الصَّبِيِّ بِحُلْمِهَا
وَتَهَامُسِ الأَنْدَاءِ وَالأَصْبَاحِ
مَعْشُوْقةُ التَّارِيخِ حينَ غُدُوِّهِ
يَهْمِي بها عِشْقًا، وَحِينَ رَوَاحِ
اجدابيا نَهْرُ القصيدَةِ في دَمِي
وَحِكَايَةُ الأَرْوَاحِ لِلأَرْوَاحِ
اجدابيا حلمُ القصائدِ وجهُهَا
وَصَلاةُ صُبْحِ اللهِ في الأَدْوَاحِ
اجدابيا، يا طفلتي وأميرتي
وقصيدتي، يا ضِحْكَةَ التُّفَّاحِ
من بَكْيَتَيْكِ أَضَأْتُ شَمْعَ مَوَاعِدِي
وَعَلَى يَدَيْكِ سَكِرْتُ من أَفْرَاحِي
وعلى رِمَالِكِ كم قَرَأْتُ مَلاحِمًا
مُتَجَلِّيًا من مِسْكِهَا الْفَوَّاحِ
إن أَوْجُعُوكِ فقد دَنُوا من حَتْفِهِمْ
كم حَاقِدٍ، كم غَاشِمٍ سَفَّاحِ
كُنْتِ الْمَقَابِرَ لِلْغُزَاةِ جَمِيعِهِم
حِصْنًا عَصِيًّا ما انْحَنَى لِسَلاحِ
خَسِئُوا فَلَنْ تَبْقِي هَشِيمًا مُوْحِشًا
وَمَلاعِبًا لِلرِّيحِ وَالأَشْبَاحِ
اجْدَابِيَا تَبْقَيْنَ أَحْلَى طِفْلَةٍ
تَزْدَادُ فِتْنَتُهَا بِكُلِّ صَبَاحِ
لا تَأْلَمِي لِلْحُزْنِ يَعْصُرُ خَافِقِي
وَيَغُوصُ في رُوحِي، وَيَقْحُمُ سَاحِي
سَنَعُودُ من بَعْدِ الْجِرَاحِ أَحِبَّةً
فَرِحُوا بِصُبْحِ تَبَخُّرِ الأَتْرَاحِ
سَتَعُودُ طِفْلَتُنَا الْجَمِيلَةُ حُلْوَةً
حَلُمَتْ على شَفَةِ الصَّبَاحِ الصَّاحِي
مُتَلأْلئًا بِالنَّصْرِ طُهْرُ جَبِينِهَا
مُتَوشِّحًا بِالْمَجْدِ خَيْرِ وِشَاحِ
تَشْدُو أَنَاشِيدَ الْفَخَارِ بِنَشْوَةٍ
تَدْعُو حِسَانَ الْكَوْنِ للأَفْرَاحِ

مقالات ذات علاقة

عِيدٌ بِالُمراسلة!!!

رضا محمد جبران

من أنت

محمد عبدالله

القدور الخاوية

رحاب شنيب

اترك تعليق