إشراقة_من أعمال التشكيلي رمضان نصر
تشكيل

إشراقة رمضان نصر


ما أن شاهدت اللوحة على صفحة الفنان في الفيس بوك حتى قمت بتنزيلها والتقطت القلم لأكتب عنها وعن ما أثارته في النفس من احتدامات وانفعالات جمالية، أردت الكتابة عنها لا أعرف لماذا !!

ربما لأنها أعجبتني في المُجمل، أو ربما لأن ألوانها نقية إلى أبعد الحدود أو لأن الألوان فيها ممتزجة ومتداخلة وذائبة في بعضها البعض بطريقة جميلة ولذيذة، وربما لأنها زاخرة بالتفاصيل الصغيرة ومكتظة بالمآذن والقباب والمساجد، وفيها نجد أيضا الغزلان والزخارف التراثية والأقواس والنساء و الرجال والأشجار والنخيل والجِمال، كل هذا يتجاور هنا بطريقة دقيقة ومتناغمة وفق تدرج لوني يغلب عليه اللون البرتقالي والأزرق السماوي بدرجاتهما المتفاوتة، وربما لأنني أكن حبا كبيرا للألوان المائية التي أعدها ألوانا لا تصلح إلا لرسم الفرح وتجسيد البهجة، وربما هكذا بلا سبب وجدتني أكتب عنها.
وأسهم عنوان اللوحة ” إشراقة ” في تعزيز هذا الأعتقاد الراسخ بداخلي كمتلقي، أفتراض أو اعتقاد أنها ألوان لا تخص إلا الفرح ومستلزماته.

وحين نعدد كل هاته التفاصيل المتراكمة في مساحة اللوحة لا نعني أن الفنان قام برسمها بواقعية بل أن بعض التفاصيل لم تكلف الفنان – في تصوري – سوى بضعة لمسات خفيفة لتوحي بالتفصيل سواء كان شجرة أو إنسان أو حيوان أو معمار، وغني عن القول أن هذا التمازج اللوني والرؤية المتكاملة وطريقة التنفيذ تُشي بفنان ذو خبرة واسعة في المجال التشكيلي، وزاد اللوحة جمالا وإقناعا وإشراقا أنها تصور الحياة في لقطة واحدة، وكأنَّ الفنان استيقظ صباحا وعقب شروق الشمس رسم كل ما تخيله مما يمكن أن يحدث بعد هذا الإشراق المهيب الذي يغمر الأرض بنوره، ولهذا رسم الحيوانات وهي تسعى لرزقها المكتوب لها ورسم الإنسان في حالة عمل وسعي ذؤوب ورسم الأشجار التي يحيل وجودها إلى الأمل والتجذر ورسم المعمار التقليدي والزخارف التراثية في إشارة إلى الوطن، ورسم القِباب والأهِلة والمآذن لتأكيد الهوية والأنتماء، وكأن الفنان استيقظ صباحا وبروح متفائلة وخيال نضِر رسمَ ليبيا بكل تنوعها وثراءها المادي والمعنوي واختزلها في لوحة واحدة، وضعَ فيها كل ما يحب أن يراه فيها وكل ما ينبغي أن تكون عليه، وكأنَّ الفنان إذ يغمس ريشته الدقيقة في الألوان السائلة ويمررها على السطح مباشرة وبرهافة كأنهُ يرسم الأمل ويوقظ التفاؤل ويجسد الجمال بلمسات واثقة وتوقيعات راسخة ويقلص المسافة ما بينه وبين المعنى.

كل هذا جميل، والأجمل منهُ هو تلك المساحات البيضاء التي تخللت التفاصيل ورسمت الفواصل ما بينها ومنحت عين المتلقي تلك البرهة والفسحة التي يستطيع ان يملاها وفق تأويله بكل ما هو مبهج وباعث على الفرح وهو يرى ليبيا بهذا التألق والسحر.

مقالات ذات علاقة

الفن من أجل المتعة 

ناصر سالم المقرحي

المصور الفوتوغرافي حكيم مادي: دراسة متأنية لعلاقة الضوء بالعتمة

عدنان بشير معيتيق

رمضان في رسومات محمد الزواوي الساخرة

أحمد الغماري

اترك تعليق